يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي من شاء، لكن من غير تلقط للرخص، ولعل من منعه لم يثق بعدم تلقطه ' انتهى. قوله: {ولا يجوز للعامي تتبع الرخص، وحكي إجماعا، وخالف ابن هبيرة، ويفسق عند أحمد وغيره، وحكي عنه: لا، وحمل القاضي الأول على غير متأول أو مقلد، والحنفية كالقاضي: له أن يتمذهب بمذهب فيأخذ به في الأصح}. يحرم على العامي تتبع الرخص، وهو: أنه كلما وجد رخصة في مذهب عمل بها ولا يعمل بغيرها في ذلك المذهب، بل هذه الفعلة زندقة من فاعلها، كأن القائل بهذه الرخصة في هذا المذهب لا يقول بالرخصة بتلك الرخصة الأخرى. ومما يحكى أن بعض الناس تتبع رخص المذاهب وأقوال العلماء وجمعها في كتاب، وذهب بها إلى بعض الخلفاء، فعرضها على بعض العلماء الأعيان، فلما رآها قال: ' يا أمير المؤمنين هذه زندقة في الدين، ولا يقول بمجموع ذلك أحد من المسلمين '. قال ابن عبد البر: لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعا. ونقل عن إسحاق المروزي جوازه، لكن الذي في ' فتاوى الحناطي ' عنه أنه قال: من تتبع الرخص فسق، وأن ابن أبي هريرة قال: لا يفسق. وحكاه الرافعي عنه في كتاب ' القضاء '. وحكى الجواز عن المروزي في ' جمع الجوامع '، وغيره. وقال المحلي في ' شرحه ': (والظاهر أن هذا النقل عنه سهو، لما في ' الروضة '، وأصلها عن الحناطي وغيره عن أبي إسحاق المروزي: أنه يفسق بذلك، وعن ابن أبي هريرة: أنه لا يفسق). ولذلك قطع به السيوطي في شرح منظومته ' جمع الجوامع '. وكنت قد نقلت ذلك عن المروزي فأصلحته، وذكرته عن ابن أبي هريرة لذلك، ويحمل أن يكون للمروزي قولان. فعلى الأول يفسق عند الإمام أحمد، ويحيى القطان، وغيرهما من العلماء، ولكن حمله القاضي على غير متأول أو مقلد. قال ابن مفلح: ' وفيه نظر، وذكر بعض أصحابنا في فسق من أخذ بالرخص روايتين، وإن قوي دليل، أو كان عاميا فلا، كذا قال، وقالت الحنفية: كالقاضي أبي يعلى: إلا أن يتمذهب بمذهب فيأخذ به في الصحيح ') (?).