الأول، والثاني - قال الشيخ الشثري معترضا على من عرف التقليد بأنه إتباع في رسالة "التقليد" (ص/25): (ورُد عليه بأن الإتباع غير التقليد، ويظهر لي أن التقليد جزء من الإتباع لا كله) وأما كونه غيره فهذا على قول من جعل القسمة ثلاثية، وقد سبق وبينا أن القسمة ثنائية فلا يلزمنا هذا الاعتراض.
ولما كان الإتباع أعم من التقليد من ناحية اللغة فيكون الإتباع جنسا في التعريف فلا وجه لهذا الاعتراض.
فالإتباع يدخل فيه كل ما يتبع من: كتاب، وسنة، وقول صاحب، وإجماع، ومجتهد، ومقلد، وإتباع الآباء والأجداد وإتباع القاضي للشهود، ونحو ذلك، قال الشيخ في "الأصل" (ص/87): (فخرج بقولنا: "من ليس قوله حجة"؛ إتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإتباع أهل الإجماع، وإتباع الصحابي، إذا قلنا أن قوله حجة، فلا يسمى إتباع شيء من ذلك تقليداً؛ لأنه إتباع للحجة).
وقد أضاف الشيخ باقي القيود في التعريف ليكون فصلا يخرج به ما دخل في التعريف مما لا يشمله.
ولكن التعريف لا يزال غير مانعا، ولابد من إضافة قيد: (في حكم شرعي) لإخراج حكم القاضي بشهادة الشهود، وكذا التقليد في الأمور الدنيوية (?).
الثالث - وبالنظر إلى التعريف بما سبق من قيود حتى الآن - (إتباع من ليس قوله حجة في حكم شرعي) - نجد أن كلمة (حجة) نكرة في سياق النفي -؛ لأن: ليس فعل يدل على نفي مضمون الجملة في الحال - وعليه فهي تفيد العموم، فالمعنى أنه لا يصح أن يسمى الإتباع تقليدا إلا في حال كون قول المتَّبع ليس بحجة.
وهنا إشكال فقد أطلق البعض على أن قول المجتهد حجة في حق العامي لأمر الشرع للمقلد بسؤاله، وأطلق البعض عليه أنه إتباع لا تقليد فيخرج من التعريف بناء على هذا (?).