والمفهوم خاصا - قال: كما هنا - فيبنى العام على الخاص ويكون الراجح أن نحمل حديث أبي سعيد على أنه إذا وقعت النجاسة في ماء ولم تغيره على ما زاد على القلتين، وأما حديث ابن عمر فهو باق على أصله وأن ماء دون القلتين ينجس بمجرد الملاقاة.
بداية - هذا القيد الذي ذكره الشيخ الحازمي لا يلزم الشيخ لأنه من باب الجمع، والشيخ ذكر أنه يلجا لتقديم المنطوق على المفهوم إذا تعذر الجمع، فقال: (قال الشيخ: (إذا اتفقت الأدلة السابقة (الكتاب والسنة والإجماع والقياس) على حكم أو انفرد أحدها من غير معارض وجب إثباته، وإن تعارضت وأمكن الجمع وجب الجمع وإن لم يكن الجمع عمل بالنسخ إن تمت شروطه. وإن لم يمكن النسخ وجب الترجيح) فكأنه ذكر هذا القيد ضمنيا، وأن مسألته فيما إذا تعذر الجمع بينهما.
كما أنه يشكل على ترجيح الشيخ أحمد الحازمي أمران:
الأول - أن هذا المفهوم غير معتبر كما قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (31/ 106): (قوله: (الماء طهور لا ينجسه شيء) مع قوله: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) فمن قال أن المفهوم حجة يخص به العموم خص عموم قوله (الماء طهور لا ينجسه شيء) بمفهوم (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) مع أن مفهوم العدد أضعف من مفهوم الصفة وهذا مذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه وغيرهما ومن امتنع من ذلك قال قوله (الماء طهور) عام وقوله (إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس) هو بعض ذلك العام وهو موافق له في حكمه فلا تترك دلالة العموم لهذا).
وقال في " الفتاوى الكبرى" (2/ 413): (في حديث القلتين: أنه سئل عن الماء يكون بأرض فلاة وما ينويه من الدواب والسباع فقال: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) وفي لفظ: (لم ينجسه شيء)، وأما مفهومه إذا قلنا بدلالة مفهوم العدد فإنما يدل على أن الحكم في المسكوت مخالف الحكم في المنطوق بوجه من الوجوه ليظهر فائدة التخصيص بالمقدار، ولا يشترط أن يكون الحكم في كل صورة من صور المسكوت مناقضة للحكم في كل صورة من صور المنطوق، وهذا معنى قولهم: المفهوم لا عموم له، فلا يلزم أن كل ما لم يبلغ القلتين ينجس، بل إذا قيل بالمخالفة