وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [المائدة: 38]، والغسل إلى المرافق بإدخال المرافق أو إخراجها بعدما نزلت: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) [المائدة:6] انتهى) (?).
قال الشيخ الأشقر في "أفعال الرسول" (1/ 284) ما ملخصه: (مرادنا بالفعل البياني، ما وقع بياناً للمشكل من مجمل وغيره مما ورد في القرآن وتكفلت السنة ببيانه، وهر الذي نقصده هنا أيضاً أما الفعلي الواقع بيانا ابتدائية فهو من الفعل المجرد.
للفعل البياني ثلاث جهات، يستفاد من كل منها نوع من الأحكام:
الجهة الأولى: جهة أنه امتثال للأمر أو النهي في العبادة، فإذا بين - صلى الله عليه وسلم - آية الحج بأن حج وقال لهم: (خذوا مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا) فإن حجه في حد ذاته امتثال لما أوجب الله عليه من الحج، وبجزيء عنه، فيسقط عنه الفرض بذلك.
ويعترض هنا سؤال، وهو أنه هل يمكن أن يتجرد الفعل البياني عن جهة الامتثال هذه، فيتخلص بياناً؟
وصورة ذلك أن يأتي - صلى الله عليه وسلم - بفعل هيئته هيئة العبادة، وهو لا يقصد العبادة، وإنما يقصد مجرد التعليم، كما يفعله المعلّمون أحيانا من أداء صورة الصلاةِ مثلاً على سبيل التمثيل لطلبتهم، دون أن يقصدوا الصلاة.
ومثال ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمار بن ياسر حين أراد أن يعلمه التيمم: (إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا .. ) الحديث. فلا يبعد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان متوضئا وأن ما فعله من التيمم صوري. وحتى لو لم يكن متوضئا فالظاهر أنه كان بالمدينة، والتيمم للحاضر لا يجزئ.
ومن جهة أخرى، قد تنفرد جهة الامتثال، فيكون الفعل امتثالًا مجردا من دون أن يكون بياناً لشيء. ومن ذلك ما كان - صلى الله عليه وسلم - يفعله في خلواته مما لا يطلع عليه أحد من الأمة " لأن ما أريد به البيان يلزم إظهاره ".