في التسري، واختفائه في الغار ثلاثا {وقال: ' ما بلغني حديث إلا عملت به، حتى أعطي الحجام دينارا '. وورد} أيضا {عن} الإمام {الشافعي} ذلك، فإنه جاء عنه أنه قال لبعض أصحابه: ' اسقني قائما، فإنه - صلى الله عليه وسلم - شرب قائما '. ومنشأ الخلاف في ذلك: تعارض الأصل والظاهر، فإن الأصل عدم التشريع، والظاهر في أفعاله التشريع؛ لأنه مبعوث لبيان الشرعيات. قلت: أكثر ما حكيناه من الأمثلة مندوب، نص عليه إمامنا وأصحابه: كذهابه من طريق ورجوعه في أخرى في العيد، حتى نص عليه الإمام أحمد في الجمعة أيضا، ودخوله مكة من كداء، وتطيبه عند الإحرام، وغسله بذي طوى، والاضطجاع بعد سنة الفجر. واختلفت الرواية عن الإمام أحمد في جلسة الاستراحة، هل هي مستحبة أم لا؟ والمذهب أنها ليست مستحبة. قال الإمام أحمد: (أكثر الأحاديث على هذا). وعنه رواية: أنها تستحب، لحديث مالك بن الحويرث: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض) متفق عليه. وحمله الموفق وجماعة: على أن جلوسه كان في آخر عمره حين ضعف. وحاصل ذلك: أن من رجح فعل ذلك والاقتداء به والتأسي، قال: ليس من الجبلي، بل من الشرعي الذي يتأسى به فيه، ومن رأى أن ذلك يحتمل الجبلي وغيره، فيحمله على الجبلي، فألحقه به) (?).
قال الشيخ الأشقر في "أفعال الرسول" (1/ 220) ما ملخصه: (الأفعال الجبلية على ضربين:
الضرب الأول:
فعل يقع منه - صلى الله عليه وسلم - اضطراراً دون قصد منه لإيقاعه مطلقاً وذلك ما نقل أنه كان هذا سُرَّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر، وإذا كره شيئا رؤى في وجهه، وكتألمه من جرح يصيبه، أو حصول طعم الحلو والحامض في فمه من طعام يأكله ...