وأما مثال التخصيص فقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ) [العنكبوت: 14] الظاهر أن الألف كاملة لكن قوله: (إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا) بين أن هذه الخمسين غير مراد دخولها في الألف بداية وأن المراد بالألف تسعمائة وخمسون عاما. وسوف يأتي أمثلة أخرى كثيرة في محلها بإذن الله.
وهذا التعريف الذي ذكره الشيخ قريب من تعريف البيضاوي في المنهاج حيث عرفه بقوله: (إخراج بعض ما يتناوله اللفظ).
وقال البدخشي في شرح المنهاج (2/ 75): (الإخراج فرع تناول اللفظ فحيث لا تناول فلا إخراج).
وعليه فهذا التعريف غير جامع لدخول النسخ الجزئي فيه، فالأولى أن يزاد قيد: (قبل تقرر الحكم) لمنع دخول النسخ الجزئي (?). أو يقال في تعريفه كما قال المرداوي في التحبير (5/ 2509): (قصر العام على بعض أجزائه) فقال: (قصر) بدلا من إخراج، وذلك لأن نسخ البعض ليس قصرا بل هو رفع بعد إثبات، والتخصيص قصر للدليل العام عن إثبات الحكم قبل دخوله وقت العمل فلا يدخل النسخ في التعريف (?).
قال الشيخ النملة في "شرح الروضة" (6/ 211): (والمراد من (قصر العام) قصر حكمه، وإن كان لفظ العام باقيا على عمومه، لكن لفظا لا حكما. وبذلك يخرج إطلاق العام وإرادة الخاص، فإن ذلك قصر إرادة لفظ العام لا قصر حكمه).
قيود أخرى:
وهناك بعض القيود الأخرى التي ينبغي أن تضاف لهذا التعريف ليكون جامعا مانعا منها:
تقييد أفراده أو أجزائه بالغالبة:
قال العطار في "حاشيته على جمع الجوامع" (2/ 31\): (ينبغي تقييد أفراده بالغالبة ليخرج النادرة وغير المقصودة فإن القصر على أحدهما ليس تخصيصا خلافا للحنفية ولذلك ضعف تأويلهم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل بحمله على