ضمان ما يجب ضمانه إذا لم يرض صاحب الحق بسقوطه).
وذكر الزركشي هذا القيد وبيَّن سبب التفريق بين الأوامر والنواهي فقال في "المنثور" (2/ 19): (الجهل والنسيان يعذر بهما في حق الله تعالى المنهيات دون المأمورات والأصل فيه حديث معاوية بن الحكم لما تكلم في الصلاة ولم يؤمر بالإعادة لجهله بالنهي وحديث يعلى بن أمية حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلم بنزع الجبة عن المحرم ولم يأمره بالفدية لجهله واحتج به الإمام الشافعي رضي الله عنه على أن من وطئ في الإحرام جاهلا، أو ناسيا فلا فدية عليه، والفرق بينهما من جهة المعنى أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها وذلك لا يحصل إلا بفعلها والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحانا للمكلف بالانفكاك عنها وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها ومع النسيان والجهالة لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي فعذر بالجهل فيه ... ) (?).
قال تقي الدين ابن تيمية في "شرح العمدة" (4/ 343): (لا تسقط السترة بجهل وجوبها ولا نسيان لها كما تسقط بالعجز فلو نسي الاستتار وصلى، أو جهل وجوبه، أو أعتقت الأمة في أثناء الصلاة ولم تعلم حتى فرغت لزمتهم الإعادة قاله أصحابنا؛ لأن الزينة من باب المأمور به فلا تسقط بالجهل والنسيان كطهارة الحدث وهذا لأن الناسي والجاهل يجعل وجود ما فعله كعدمه؛ لأنه معفو عنه فإذا كان قد فعل محظورا كان كأنه لم يفعله فلا إثم عليه ولا تلحقه أحكام الإثم وإذا ترك واجبا ناسيا أو جاهلا فلا إثم عليه بالترك لكنه لم يفعله فيبقى في عهدة الأمر حتى يفعله إذا كان الفعل ممكنا).
فقيد الشيخ فعل الواجب بألا يكون الفعل ممكنا حتى يعذر صاحبه.
والأقرب عندي في تفسير الإمكان عند شيخ الإسلام: أن يكون الفعل مقدورا بمعنى أن المكلف لم يعرض له عارض يمنعه من آداء الفعل، وأيضا أن يكون وقته باقيا.
فلكي يعذر المكلف بالجهل في ترك المأمورات لابد وأن يكون الفعل غير ممكنا
بأن يعرض له عارض يجعله غير قادر على آداء الفعل كمن أصيب بشلل فلا يقدر