قال في "الأصل" (ص/26): (مثاله: قضاء رمضان فإنه مأمور به لكن دل الدليل على أنه للتراخي فعن عائشة -رضي الله عنها - قالت: " كان يكون علىّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان وذلك لمكان رسول الله، صلي الله عليه وسلم.
ولو كان التأخير محرماً ما أُقِرّت عليه عائشة رضي الله عنها).
قال في "الشرح" (ص/167): (وقضاء رمضان- قال الله تعالى فيه: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 184]، فهل يجب قضاء رمضان فور زوال العذر أم يجوز فيه التراخي؟
ج: نقول: الأصل أنه يجب فور زوال العذر لكن وجد دليل على أنه للتراخي، وهو حديث عائشة: (كان يكون عليَّ الصوم في رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان).
وقضاء رمضان واجب، والأصل أنه على الفور، لكن هذا الحديث يدل على أنه ليس على الفور، فعائشة تقول: (ما أقضيه إلا في شعبان).
فإن قلت: يرد عليك في هذا الحديث واردان:
الوارد الأول: قولها: "فما أستطيع " وهذا يدل على أنها كانت تؤخره لعذر، ونحن نوافقك أنه إذا كان لعذر فهو على التراخي حتى يزول العذر، فكيف تقول: قضاء رمضان- يجوز فيه التوسع، وهي تقول: "ما أستطيع ".
الوارد الثاني: أن عائشة لم تذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطلع على ذلك حتى يكون من باب التقرير، فمن الجائز أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم، وفِعْلُ الصحابي ليس بحجة لجواز أن يفعله عن اجتهاد - والمسألة خلافية، فما هو الجواب عن هذين الواردين؟
الجواب: أما الأول: وهو قولها: "لا أستطيع " فإنها لا تقصد بعدم الاستطاعة أن هناك مانعًا بدنيًا منعها منه، كالسفر والمرض، فهي في المدينة وهي صحيحة، لكن المانع هو: لمكان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا المانع ليس مانعًا من الواجب بدليل أنها كانت تصلي الصلوات مع مكان الرسول - صلى الله عليه وسلم -