الأمر الوجوب- هذا هو الأصل، ثم إذا وقع أمر نشك في كونه للوجوب، ولأن نفس المؤمن قد تدله و (الإثم ما حاك في نفسك) (?) قد تدله نفسه أن هذا ليس بواجب وأن الإنسان لو تركه لا يأثم، فحينئذٍ نلتمس لهذه المسألة المعنية دليلاً يخرجها عن الوجوب.
س: إذا كان جمهور العلماء علي عدم الوجوب مثلاً، فهل هذه قرينة تصرفه؟
ج: لا؛ لأن الدليل هو الإجماع؛ لكن لا شك أن الإنسان يكون عنده تردد فيما إذا رأى أن جمهور العلماء يرون أن هذا الأمر ليس للوجوب).
ثم قال - رحمه الله -: (وعلى كل حال إذا رأيت الجمهور على الاستحباب؛ فهنا يجب عليك أن تتوقف عن القول بالوجوب، وعلى الأقل تقول للناس افعلوا كذا، ما دام هذا هو أمر اللَّه ورسوله فافعلوه، ولا تقل هو واجب أم ليس بواجب! بل قل: افعلوه. كما لو ورد النهي نقول: اتركوه سواء قلنا مكروه أو محرم).
والأولى عندي في حمل هذا التردد، أو التوقف الذي أشار إليهما الشيخ - رحمه الله - بأن يحمل على الأخذ الإجماعات الفقهية، أو الأقوال التي يكون فيها الخلاف شاذ.
ويوضحه أننا نفهم الكتاب والسنة بفهم وعمل سلف الأمة، ولا نتمسك بشواذ الأقوال، وعليه فإن لم يكن هناك خلافا معتبرا في حمل الأمر أو النهي على ظاهره، وإنما كان التمسك بظاهرهما قول شاذ، فلا نقول بظاهر الأمر أو النهي، وهذا هو روح الفقه، فما كان إغفال سلف الأمة للقول بالظاهر إلا لعلة فيه، أو لدليل خفي علينا (?).
قال الشيخ: (وقد يخرج الأمر عن الوجوب والفورية لدليل يقتضي ذلك فيخرج عن الوجوب إلى الإباحة وأكثر ما يقع ذلك إذا ورد بعد الحظر، أو جواباً لما يتوهم أنه محظور).