ودفعها إلى مستحقيها عند حلول الحول، وكقضاء الفوائت، وكالكفارات والنذور غير المؤقتة بوقت ...
قال الشيخ عياض السلمي في "أصوله" (ص/226): (اتفق العلماء على أن الأمر إذا صحبته قرينة تدل على الفور يحمل على ذلك، وإذا صحبته قرينة تدل على جواز التراخي حمل على ذلك، وإذا حدد له وقت معين حمل على ذلك.
واختلفوا في الأمر الذي لم تصحبه قرينة تدل على فور ولا على تراخي، ولم يوقت بوقت معين علام يحمل؟ ... ).
والمقصود من كون الأمر للفور أن يبادر المكلف لامتثال الأمر وتنفيذه بعد سماعه دون تأخير، فإن تأخر عن الأداء كان مؤاخذا - إلا لعذر -.
وما اختاره الشيخ هو ظاهر المذهب (?)، قال الكلوذاني في التمهيد (1/ 217)
: (الأمر المطلق يقتضي تعجيل فعل المأمور به في ظاهر المذهب000 وقد أومأ إليه أحمد رحمه الله - أي القول بأنه على التراخي - في رواية الأثرم).
وقال المرداوي في التحبير (5/ 2226): (وعن الإمام أحمد رواية أخرى: أنه لا يقتضي الفور، وقاله: أكثر الشافعية، نقله الأستاذ أبو منصور، وسليم الرازي، ونصره الباقلاني، والغزالي، والآمدي، والرازي. وأخذت هذه الرواية عن أحمد من قوله عن قضاء رمضان: يفرق، قال الله تعالى: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 184] ... ).
والراجح أنه للفور.
قال الشيخ في الأصل: (ومن الأدلة على أنه للفور قوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) [البقرة: 148] والمأمورات الشرعية خير، والأمر بالاستباق إليها دليل على وجوب المبادرة.
ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كره تأخير الناس ما أمرهم به من النحر والحلق يوم الحديبية، حتى دخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس.