فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا رَقِيقًا لَا يَقِي حَرًّا وَلَا بَرْدًا أَوْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي لِحُصُولِ نَفْعٍ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ الدَّوَامُ (لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَفِي) الْفِدْيَةِ بِلُبْسِهِ فِي (صَلَاةٍ) لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا (قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ عَدَمُ الْفِدْيَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رُبَاعِيَّةً فَإِنْ طَوَّلَ فَالْفِدْيَةُ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ فِي اللُّبْسِ أَيْ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَقَعُ إلَّا مُنْتَفَعًا بِهِ كَالطِّيبِ فَالْفِدْيَةُ بِمُجَرَّدِهِ بِلَا تَفْصِيلٍ (وَلَمْ يَأْثَمْ) مُرْتَكِبُ مُوجِبِ الْفِدْيَةِ (إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ) حَاصِلٍ، أَوْ مُتَرَقَّبٍ.
(وَهِيَ) أَيْ الْفِدْيَةُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثٌ (نُسُكُ شَاةٍ) بِالْإِضَافَةِ وَبِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّ شَاةً بَدَلٌ، أَوْ بَيَانٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِشَاةٍ بِالْبَاءِ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةَ، وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَهِيَ كَالضَّحَايَا لَا كَالْهَدْيِ فَقَوْلُهُ (فَأَعْلَى) أَيْ فِي كَثْرَةِ اللَّحْمِ لَا فِي الْفَضْلِ كَذَا قِيلَ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إنَّ كَثْرَةَ اللَّحْمِ أَفْضَلُ قِيَاسًا عَلَى الْهَدْيِ (أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدَّانِ) فَهِيَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ (كَالْكَفَّارَةِ) فِي الصَّوْمِ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَكَوْنِهَا بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ فِيهَا (وَلَمْ يَخْتَصَّ) النُّسُكُ بِمَعْنَى الْفِدْيَةِ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ (بِزَمَانٍ) كَأَيَّامِ مِنًى (أَوْ مَكَان) كَمَكَّةَ، أَوْ مِنًى بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِمَا (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذِّبْحِ) بِكَسْرِ الذَّالِ بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ (الْهَدْيَ) الْمُرَادُ بِنِيَّةِ الْهَدْيِ أَنْ يُقَلِّدَهُ، أَوْ يُشْعِرَهُ فِيمَا يُقَلَّدُ، أَوْ يُشْعَرَ لَا حَقِيقَةُ النِّيَّةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَتُهَا فَمُجَرَّدُهَا كَافٍ (فَكَحُكْمِهِ) فِي الِاخْتِصَاصِ بِمِنًى - إنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ - وَالْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَتَرْتِيبِهِ وَأَفْضَلِيَّةِ الْأَكْثَرِ لَحْمًا.
(وَلَا يُجْزِئُ) عَنْ الْإِطْعَامِ (غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ وَقَالَ أَشْهَبُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَامَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ عَادَةِ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) الْأُولَى وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ كَثِيرًا كَمَا لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا كَثِيفًا يَقِي مِنْ الْبَرْدِ، أَوْ الْحَرِّ، ثُمَّ نَزَعَهُ بَعْدَ التَّرَاخِي بَلْ وَلَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ قَلِيلًا كَمَا لَوْ لَبِسَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَتَرَاخَى فِي نَزْعِهِ) أَيْ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي خش وعبق. (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ) مَفْهُومُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ إذْ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ يُفِيدُ أَنَّ لُبْسَهُ دُونَ الْيَوْمِ لَا شَيْءَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ اهـ خش. (قَوْلُهُ: وَفِي الْفِدْيَةِ بِلُبْسِهِ) أَيْ بِانْتِفَاعِهِ بِلُبْسِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) فِي ح عَنْ سَنَدٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ فَرَأَى مَرَّةً حُصُولَ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ وَنَظَرَ مَرَّةً إلَى التَّرَفُّهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالطُّولِ قَالَ ح وَهَذَا هُوَ التَّوْجِيهُ الظَّاهِرُ لَا مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ هَلْ تُعَدُّ طُولًا أَوْ لَا وَتَبِعَهُ تت وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا إذْ لَيْسَتْ الصَّلَاةُ بِطُولٍ لِمَا قَدَّمَهُ هُوَ مِنْ أَنَّ الطُّولَ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ، سَوَاءً طَوَّلَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وخش اُنْظُرْ بْن وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَبِسَ رِدَاءً فَوْقَ رِدَاءٍ، أَوْ إزَارًا فَوْق إزَارٍ فَلَا فِدْيَةَ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي أَيْ حَيْثُ لَمْ يَبْسُطْهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ كَالْحِزَامِ وَالرَّبْطِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: إنْ فَعَلَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُوجِبَ لِعُذْرٍ أَيْ كَمَرَضٍ أَوْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ. (قَوْلُهُ: حَاصِلٍ أَوْ مُتَرَقَّبٍ) هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عبق وَسَلَّمَهُ لَهُ بْن وَهُوَ قَوْلُ التَّاجُورِيِّ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ وَأَنَّ خَوْفَ حُصُولِهِ لَا يَكُونُ كَافِيًا فِي عَدَمِ الْإِثْمِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ الْإِثْمُ بِالْفِدْيَةِ كَمَا أَنَّ الْعُذْرَ لَا يَرْفَعُ الْفِدْيَةَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَيْ الْفِدْيَةُ) أَيْ الْوَاجِبَةُ أَيْ لِإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَطَلَبِ الرَّفَاهِيَةِ، وَقَوْلُهُ " نُسُكُ " أَيْ عِبَادَةُ. (قَوْلُهُ: بِالْإِضَافَةِ) أَيْ الْبَيَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ) أَيْ الَّتِي لِلتَّصْوِيرِ أَيْ نُسُكٌ مُصَوَّرٌ بِوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ إلَخْ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذَبْحُهَا فَلَا يَكْفِي إخْرَاجُهَا غَيْرَ مَذْبُوحَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِبِلِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي مَنَاسِكِهِ كَمَا فِي ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى الْهَدْيِ) وَهَذَا قَوْلُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ الْأَبِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مُدَّانِ) أَيْ فَجُمْلَةُ الْأَمْدَادِ اثْنَا عَشَرَ مُدًّا وَهِيَ ثَلَاثُ آصُعٍ لِأَنَّ كُلَّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى) وَهِيَ ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ وَرَابِعُهُ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ) أَيْ بِمَنْعِ الصَّوْمِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَصَّ بِزَمَانٍ، أَوْ مَكَان) أَيْ فَيَجُوزُ الصَّوْمُ فِي أَيِّ زَمَانٍ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَفِي أَيِّ مَكَان وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ الْإِطْعَامُ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَفِي أَيِّ مَكَان وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُ الشَّاةِ، وَإِعْطَاؤُهَا لِلْفُقَرَاءِ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَفِي أَيِّ مَكَان. (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِهِمَا) أَيْ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ فَيَخْتَصُّ الصَّوْمُ بِأَيَّامِ مِنًى وَالذَّبْحُ فِي مِنًى أَوْ مَكَّةَ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْمَذْبُوحِ مِنْ الْفِدْيَةِ الْهَدْيَ. (قَوْلُهُ: لَا حَقِيقَةُ النِّيَّةِ) أَيْ لِأَنَّ نِيَّتَهُ بِالْمَذْبُوحِ مِنْ الْفِدْيَةِ الْهَدْيَ كَالْعَدَمِ كَذَا قَالَ عج: وَاعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ طفى قَائِلًا: مُجَرَّدُ النِّيَّةِ كَافٍ فِي كَوْنِ حُكْمِهِ كَالْهَدْيِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَاجِيَّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ - مِنْ أَنَّ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ - صَحِيحٌ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَصَرَّحَ بِهِ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فَكَحُكْمِهِ الْأَكْلُ فَلَا يُؤْكَلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَحِلِّ وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا كَمَا يَأْتِي اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: غَدَاءً وَعَشَاءً) أَيْ وَكَذَا غَدَاءَانِ وَعَشَاءَانِ.