وَيُحِلَّ مِنْهَا أَيْ أَوْ لِلْإِفَاضَةِ مُعْتَقِدًا فِيهِمَا أَنَّهُ عَلَى طَهَارَةٍ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، أَوْ يَرْفُضَ حَجَّهُ أَوْ يُفْسِدَهُ بِوَطْءٍ فَيَظُنَّ اسْتِبَاحَةَ مَوَانِعِهِ وَأَنَّ الْإِحْرَامَ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ بِالرَّفْضِ وَالْفَسَادِ فَيَفْعَلَ أُمُورًا، كُلٌّ مِنْهَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ فَتَتَّحِدَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَالْأُولَى وَهِيَ الطَّوَافُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا شَكُّ الْإِبَاحَةِ، وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ يَتَأَتَّى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ فَقَوْلُهُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ أَيْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ حُرْمَةَ مَا يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ فَفَعَلَ مُتَعَدِّدًا، أَوْ أَنَّ كُلًّا يُوجِبُ فِدْيَةً إذَا انْفَرَدَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ يُوجِبُ وَاحِدَةً فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ اتِّحَادًا وَأَشَارَ لِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا) أَيْ مِنْ لُبْسٍ وَتَطَيُّبٍ وَقَلْمِ أَظْفَارٍ وَقَتْلِ دَوَابَّ (بِفَوْرٍ) فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْفِعْلِ الْوَاحِدِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّجَرُّدِ مِنْ إحْرَامِهِ ثُمَّ يَلْبَسُ بَعْدَهُ جَمِيعَ مَلْبُوسِهِ مِنْ قَلَنْسُوَةٍ وَعِمَامَةٍ وَقَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ، وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ لَكِنَّهُ عِنْدَ فِعْلِ الْأَوَّلِ، أَوْ إرَادَتِهِ (نَوَى التَّكْرَارَ) أَيْ تَكْرَارَ فِعْلِ الْمُوجِبِ لَهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُ كَاللُّبْسِ مَعَ الطِّيبِ، وَكَلَامُهُ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ مَا أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ فَيَفْعَلَ الْجَمِيعَ، أَوْ بَعْضًا مِنْهُ، أَوْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْهَا أَوْ يَنْوِيَ مُتَعَدِّدًا مُعَيَّنًا فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَخْرُجْ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ فِعْلِ الْمُوجِبِ الثَّانِي، وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ، وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ التَّكْرَارَ عِنْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ (قَدَّمَ) مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ كَأَنْ قَدَّمَ (الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلِ) ، أَوْ الْقَمِيصَ عَلَى الْجُبَّةِ، أَوْ الْقَلَنْسُوَةَ عَلَى الْعِمَامَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْخَاصِّ زِيَادَةُ نَفْعٍ عَلَى الْعَامِّ كَمَا إذَا طَالَ السَّرَاوِيلُ طُولًا لَهُ بَالٌ يَحْصُلُ بِهِ انْتِفَاعٌ، أَوْ دَفْعُ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ فَتَتَعَدَّدُ كَمَا إذَا عَكَسَ فَقَدَّمَ السَّرَاوِيلَ عَلَى الثَّوْبِ.
(وَشَرْطُهَا) أَيْ الْفِدْيَةِ (فِي اللُّبْسِ) لِثَوْبٍ، أَوْ خُفٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا (انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُحِلُّ مِنْهَا) أَيْ ثُمَّ يَفْعَلُ أُمُورًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ ظَانًّا أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهَا لِتَحَلُّلِهِ كَلُبْسِ مُحِيطٍ وَدَهْنٍ بِمُطَيِّبٍ وَتَقْلِيمِ أَظْفَارٍ لِتَرَفُّهٍ وَحَلْقِ شَعْرٍ كَثِيرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْإِفَاضَةِ) أَيْ أَوْ يَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَلَى طَهَارَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِالْإِفَاضَةِ يَفْعَلُ أُمُورًا، كُلُّ وَاحِدٍ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ " أَوْ لِلْإِفَاضَةِ " لِمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ فِي فَسَادِ الْإِفَاضَةِ يَرْجِعُ حِلًّا إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ فَإِذَا فَعَلَ غَيْرَهُمَا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ اتَّحَدَ، أَوْ تَعَدَّدَ تَأَمَّلْهُ اهـ بْن وَلَعَلَّ الشَّارِحَ فَرَضَ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا خَالَفَ الْوَاجِبَ وَقَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى الرَّمْيِ وَطَافَ لَهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ مُعْتَقِدًا الطَّهَارَةَ، ثُمَّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ فَعَلَ أُمُورًا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ. (قَوْلُهُ: فَيَفْعَلُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الطَّوَافُ) أَيْ لِلْعُمْرَةِ، أَوْ لِلْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى فِيهَا شَكُّ الْإِبَاحَةِ) أَيْ الشَّكُّ فِي إبَاحَةِ مَا فَعَلَهُ مِمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ بَلْ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهَا الْجَزْمُ بِالْإِبَاحَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ) أَيْ مَا إذَا رَفَضَ حَجَّهُ أَوْ أَفْسَدَهُ بِوَطْءٍ. (قَوْلُهُ: تَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ) أَيْ إذَا شَكَّ فِي إبَاحَةِ مَا فَعَلَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى لَمَّا كَانَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الشَّكُّ فِي إبَاحَةِ مَا فَعَلَهُ اتَّحَدَتْ الْفِدْيَةُ فِيهَا وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فَإِنْ ظَنَّ فِيهِمَا الْإِبَاحَةَ اتَّحَدَتْ أَيْضًا، وَإِنْ شَكَّ فِيهِمَا تَعَدَّدَتْ. (قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ خَاصٍّ) أَيْ وَهُوَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ كُلًّا) أَيْ أَوْ فَعَلَ أَفْعَالًا مُتَعَدِّدَةً وَظَنَّ أَنَّ كُلًّا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِفَوْرٍ) أَيْ دَفَعَهُ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَفْعَالُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالْفَوْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ تت مِنْ أَنَّ الْيَوْمَ فَوْرٌ، وَأَنَّ التَّرَاخِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لَا أَقَلُّ. (قَوْلُهُ: مِنْ إحْرَامِهِ) أَيْ بِنِيَّةِ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إرَادَتِهِ) أَيْ أَوْ عِنْدَ إرَادَةِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ " نَوَى التَّكْرَارَ " أَيْ وَلَوْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّحَدَ الْمُوجِبُ كَمَا لَوْ تَدَاوَى بِطِيبٍ لِقُرْحَةٍ وَنَوَى تَكْرَارَ التَّدَاوِي لَهَا كُلَّمَا احْتَاجَ لِلتَّدَاوِي بَلْ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُ.
(قَوْلُهُ: كَاللُّبْسِ مَعَ الطِّيبِ) أَيْ كَأَنْ يَنْوِيَ اللُّبْسَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ لِلطِّيبِ حَالًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ فِعْلِهِ مُوجِبًا مُعَيَّنًا فِعْلَ كُلِّ مَا أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْوِيَ) أَيْ عِنْدَ فِعْلِهِ مُوجِبًا مُعَيَّنًا فِعْلَ كُلِّ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْ الْمُوجِبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ثُمَّ إنَّهُ فَعَلَ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْوِيَ مُتَعَدِّدًا مُعَيَّنًا) أَيْ عِنْدَ تَلَبُّسِهِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ أَيْ ثُمَّ فَعَلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا نَوَاهُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اتِّحَادِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ تَرَاخِي الْفِعْلَيْنِ إذَا نَوَى التَّكْرَارَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا فَعَلَ الْمُوجِبَ الثَّانِيَ قَبْلَ إخْرَاجِ كَفَّارَةِ الْمُوجِبِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْخَاصِّ) أَيْ الَّذِي أَخَّرَهُ عَنْ الْعَامِّ الَّذِي فَعَلَهُ أَوَّلًا وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِاتِّحَادِ الْفِدْيَةِ إذَا قَدَّمَ الْعَامَّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَفْعُ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ) قَالَ بْن هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ، وَإِنْ لَمْ نَجِدْ فِيهِ نَصًّا. (قَوْلُهُ: فَقَدَّمَ السَّرَاوِيلَ عَلَى الثَّوْبِ) أَيْ أَوْ قَدَّمَ الْجُبَّةَ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ قَدَّمَ الْعِمَامَةَ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَجُبَّةٍ أَوْ سِرْوَالٍ، أَوْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ عِمَامَةٍ، أَوْ بَابُوجٍ. (قَوْلُهُ: انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ