فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ (وَكَفَتْ نِيَّةٌ) وَاحِدَةٌ (لِمَا) أَيْ لِصَوْمٍ (يَجِبُ تَتَابُعُهُ) كَرَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ وَكَالنَّذْرِ الْمُتَتَابِعِ كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبُ التَّتَابُعِ كَالْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ حَيْثُ ارْتِبَاطُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَعَدَمُ جَوَازِ التَّفْرِيقِ فَكَفَتْ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا كَالصَّلَاةِ (لَا) صَوْمٍ (مَسْرُودٍ) أَيْ مُتَتَابِعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِبَ التَّتَابُعُ شَرْعًا كَأَيَّامٍ اخْتَارَ صِيَامَهَا مَسْرُودَةً (وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ) كَكُلِّ خَمِيسٍ وَلَوْ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ وَكُلِّ خَمِيسٍ وَلَوْ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ وَكُلِّ مَا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَصِيَامِ رَمَضَانَ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ كَمَا يَأْتِي فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِكُلِّ لَيْلَةٍ (وَرُوِيَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى الِاكْتِفَاءِ) بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ بَلْ قَالَ الْحَطَّابُ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ رَوَاهَا بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِمَا وَأَخْرَجَ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ يَجِبُ تَتَابُعُهُ تَقْدِيرُهُ إنْ اسْتَمَرَّ أَيْ التَّتَابُعُ.

قَوْلُهُ (لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ وُجُوبُهُ (بِكَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ) فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ الْأُولَى وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مُفْسِدَ الصَّوْمِ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ

(وَ) صِحَّتَهُ (بِنَقَاءٍ) مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَأَفَادَ أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ أَيْضًا بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ) الصَّوْمُ (إنْ طَهُرَتْ) أَيْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ مِنْ قِصَّةٍ أَوْ جُفُوفٍ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الْقِصَّةِ (قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ لَحْظَةً) بَلْ إنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ وَنَوَتْ حِينَئِذٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَرَافِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقَارَنَةَ لِلْفَجْرِ هِيَ الْأَصْلُ لَكِنْ لِلْمَشَقَّةِ لَمْ تُشْتَرَطْ اهـ بْن وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلْفَجْرِ وَأَوْلَوِيَّةِ تَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ) أَيْ فَإِنْ أَتَى بِهَا نَهَارًا بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا يُجْزِئُ وَلَوْ فِي عَاشُورَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ مِنْ إجْزَاءِ النِّيَّةِ نَهَارًا فِي عَاشُورَاءَ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وبن وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصِحُّ نِيَّةُ النَّافِلَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ تَصِحُّ نِيَّةُ النَّافِلَةِ فِي النَّهَارِ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ «إنِّي إذَنْ صَائِمٌ» بَعْدَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ» وَلِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْغَدَاءَ مَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَلَنَا عُمُومُ حَدِيثِ أَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعِ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ فَلَا صِيَامَ لَهُ» وَالْأَصْلُ تَسَاوِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ يَجِبُ تَتَابُعُهُ) صِفَةٌ أَوْ صِلَةٌ لِمَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ مِنْ الصَّوْمِ كَقَضَاءِ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ أَفْطَرَ فِيهَا لِعُذْرٍ وَصِيَامِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ (قَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَفَتْ نِيَّةٌ إلَخْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بُدَّ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ الْمُتَتَابِعِ مِنْ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ كَالْعِبَادَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ فَسَادِ مَا مَضَى مِنْهُ بِفَسَادِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَتَوَقَّفُ أَوَّلُهَا عَلَى آخِرِهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ كَالصَّلَاةِ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ لَا فِي النَّفْيِ (قَوْلُهُ لَا مَسْرُودٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ بِلَا أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفِيهَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يُقَالُ جَاءَ زَيْدٌ لَا رَجُلٌ وَلَا جَاءَ رَجُلٌ لَا زَيْدٌ وَالْمَسْرُودُ مَعْنَاهُ الْمُتَتَابِعُ، وَهُوَ صَادَقَ بِوَاجِبِ التَّتَابُعِ وَغَيْرِ وَاجِبِهِ فَقَدْ صَدَقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفِيهَا عَلَى الْآخَرِ وَأَجَابَ شَارِحُنَا بِأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ الصِّفَةِ أَيْ لَا مَسْرُودٍ غَيْرِ وَاجِبِ التَّتَابُعِ فَصَحَّ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ كَأَيَّامٍ اخْتَارَ صِيَامَهَا مَسْرُودَةً) أَيْ كَمَا إذَا نَوَى صَوْمَ رَجَبٍ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَلَا يَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالنِّيَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمَنْوِيِّ وَأَقَرَّهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِسَفَرٍ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) أَيْ لِمُشَابَهَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِرَمَضَانَ أَمَّا الْمَسْرُودُ فَلِأَنَّهُ بِالتَّتَابُعِ يَحْصُلُ لَهُ الشَّبَهُ بِرَمَضَانَ فِي مُطْلَقِ التَّتَابُعِ وَأَمَّا الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ فَلِوُجُوبِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَتَعَيُّنِ زَمَانِهِ أَشْبَهَ رَمَضَانَ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا) أَيْ هَذَا إذَا أَفْطَرَ لِلْمَرَضِ وَالسَّفَرِ بَلْ وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ أَوْ الْمُسَافِرَ إذَا اسْتَمَرَّ صَائِمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ بَقِيَ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ عَامِدًا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أَوْ لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ ح كَمَا أَنَّ مَنْ بَيَّتَ الْفِطْرَ وَلَوْ نَاسِيًا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهَا لَا إنْ أَفْطَرَ نَهَارًا نَاسِيًا فَلَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ وَمَنْ أَفْطَرَ مُكْرَهًا فَحُكْمُهُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ حُكْمُ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا وَعِنْدَ ابْنِ يُونُسَ حُكْمُ مَنْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ زَالَ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ الْأُولَى لِمَا بَقِيَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهَا نَعَمْ يَكْتَفِي بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِجَمِيعِ مَا بَقِيَ

(قَوْلُهُ وَبِنَقَاءٍ) جَعَلَهُ شَرْطًا فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَدَمُ مَانِعٍ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا مَا يَتَسَاهَلُونَ فَيُطْلِقُونَ عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ شَرْطًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الْقِصَّةِ) أَيْ فَمُعْتَادَةُ الْقِصَّةِ لَا تَنْتَظِرُهَا هُنَا بَلْ مَتَى رَأَتْ أَيَّ عَلَامَةٍ كَانَتْ جُفُوفًا أَوْ قِصَّةً وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015