(أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) فِي صَوْمِهِ لِظَنٍّ أَوْ تَخْيِيرٍ فَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يُجْزِيهِ فِي الْبَقَاءِ عَلَى الشَّكِّ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَفِي) الْإِجْزَاءِ عِنْدَ (مُصَادَفَتِهِ) فِي صَوْمِهِ تَخْيِيرًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَدَمُهُ (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ صَادَفَهُ فِي صَوْمِهِ ظَنًّا فَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ
(وَصِحَّتُهُ) أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ (مُطْلَقًا) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (بِنِيَّةٍ) أَيْ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَلَوْ لَمْ يُلَاحَظْ التَّقَرُّبُ لِلَّهِ (مُبَيَّتَةٍ) بِأَنْ تَقَعَ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ مِنْ الْغُرُوبِ إلَى الْفَجْرِ وَلَا يَضُرُّ مَا حَدَثَ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ نَوْمٍ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ فَيُبْطِلَانِهَا إنْ اسْتَمَرَّ لِلْفَجْرِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَمَّا كَانَ اشْتِرَاطُ التَّبْيِيتِ مُشْعِرًا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا قَارَنَتْ الْفَجْرَ كَمَا قِيلَ بِهِ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) إنْ أَمْكَنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَلَا قَضَاءَ عَنْ رَمَضَانَ الثَّانِي لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَاءِ الْجَمِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ حَيْثُ قَالَ بِإِجْزَاءِ مَا صَامَهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ رَمَضَانَ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ لَا تَكْفِي عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَكْفِي عَنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) أَيْ الْتِبَاسِهِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِهِ شَهْرًا فَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ قَبْلَهُ وَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ إلَّا بِيَقِينٍ وَيُجْزِئُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ وَلَا حَدَثَ لَهُ أَمْرٌ يُشَكِّكُهُ سِوَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ صَوْمُهُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ مَا صَامَهُ رَمَضَانَ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَهُ قَضَاءً (قَوْلُهُ وَفِي الْإِجْزَاءِ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَنَسَبَهُ فِي النَّوَادِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ) أَيْ، وَهُوَ مَا نَسَبَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجَّهَهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَعْدَهُ يُجْزِئُ أَنَّ مَا صَادَفَ مِنْ الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْقَضَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ بَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي الْبَيَانِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَادَفَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُجْزِئُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَنُقِلَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءُ إذَا صَادَفَهُ وَكَذَلِكَ صَدَّرَ صَاحِبُ الْإِشْرَاقِ بِذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ قَالَ بْن وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِجْزَاءِ لَكَانَ أَوْلَى لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ فَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ اخْتَارَ شَهْرًا وَصَامَهُ وَالْحَقُّ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الظَّانِّ أَيْضًا، وَإِنْ جَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ فِيهِمَا وَكَلَامُ الْبَيَانِ يُفِيدُ أَنَّ الظَّانَّ مِثْلُ الشَّاكِّ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُتَخَيِّرِ وَالظَّانِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا
[شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ]
(قَوْلُهُ أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ جَعْلِ النِّيَّةِ شَرْطًا أَظْهَرُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ جَعْلِهَا رُكْنًا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْقَصْدُ إلَى الشَّيْءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَصْدَ لِلشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رُكْنًا لَكَانَ التَّلَبُّسُ بِهَا مَشْرُوعًا فَكَانَتْ تَجِبُ الْعِبَادَةُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ وَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فَهُوَ تَسَمُّحٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُلَاحِظْ إلَخْ إلَى أَنَّ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ نِيَّةِ الصَّوْمِ الْفِعْلُ لَا نِيَّةُ الْقُرْبَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْصِدَ صَوْمَ غَدٍ جَازِمًا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ نَفْلٌ أَوْ قَضَاءٌ أَوْ عَنْ النَّذْرِ فَإِنْ جَزَمَ بِالصَّوْمِ وَلَمْ يَدْرِ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ نَوَى التَّطَوُّعَ أَوْ النَّذْرَ أَوْ الْقَضَاءَ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا، وَإِنْ دَار شَكُّهُ بَيْنَ الْآخَرِينَ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَوَجَبَ إتْمَامُهُ لِانْعِقَادِهِ نَفْلًا فِيمَا يَظْهَرُ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ مِنْ الْغُرُوبِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلَّيْلِ فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ عِنْدَ الْكَافَّةِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْقَصْدُ وَقَصْدُ صَوْمِ الْجُزْءِ الْمَاضِي مِنْ الْيَوْمِ مُحَالٌ.
(قَوْلُهُ فَيُبْطِلَانِهَا إنْ اسْتَمَرَّا لِلْفَجْرِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ يُبْطِلَانِ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا لَكِنْ إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّا لِلْفَجْرِ أُعِيدَتْ قَبْلَهُ وإلَّا لَمْ تَصِحَّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) الْمُرَادُ بِوُقُوعِهَا مُصَاحِبَةً لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وُقُوعُهَا فِي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ الَّذِي يَعْقُبُهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَكَفَتْ النِّيَّةُ الْمُصَاحِبَةُ لِلْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّيَّةِ الْمُقَارَنَةُ لِلْمَنْوِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ هُنَا الْمُقَارَنَةُ لِلْفَجْرِ بَلْ يَجُوزُ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهِ إذَا أَتَى بِهَا لَيْلًا وَالْمُضِرُّ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُقَارَنَةِ أَوْ التَّقَدُّمِ الْيَسِيرِ عَلَى مَا مَرَّ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كِفَايَةِ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْفَجْرِ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ النِّيَّةَ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَنْوِيِّ؛ لِأَنَّهَا قَصْدٌ إلَيْهِ وَالْقَصْدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَقْصُودِ وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ مَنْوِيٍّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ جَعْلِيَّةٌ وَقَدْ اكْتَفَى الشَّارِعُ بِالْمُقَارَنَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ رُكْنٌ مِنْهَا وَالنِّيَّةَ مُقَارِنَةٌ لَهَا مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بَلْ كَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ