(وَإِنْ ثَبَتَ) رَمَضَانُ (نَهَارًا أَمْسَكَ) الْمُكَلَّفُ وُجُوبًا عَنْ الْمُفْطِرَاتِ وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهُ فِطْرٌ لِحُرْمَةِ الزَّمَنِ (وَإِلَّا) يُمْسِكْ (كُفِّرَ إنْ انْتَهَكَ) الْحُرْمَةَ بِعِلْمِهِ بِالْحُكْمِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِكْ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ جَازَ لَهُ فِطْرُهُ فَلَا كَفَّارَةَ

(وَإِنْ غَيَّمَتْ) السَّمَاءُ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ (وَلَمْ يَرَ) الْهِلَالَ (فَصَبِيحَتُهُ) أَيْ الْغَيْمِ (يَوْمُ الشَّكِّ) الَّذِي نُهِيَ عَنْ صَوْمِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَمْ يَكُنْ يَوْمَ شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَرَ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» أَيْ أَكْمِلُوا عِدَّةَ مَا قَبْلَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَبِيحَةَ الْغَيْمِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةُ مَا تَحَدَّثَ فِيهِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ فَاسِقٍ كَمَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ

(وَصِيمَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ أَيْ جَازَ صَوْمُهُ أَيْ أَذِنَ فِيهِ (عَادَةً) بِأَنْ اعْتَادَ سَرْدَ الصَّوْمِ أَوْ صَادَفَ يَوْمًا جَرَتْ عَادَتُهُ أَنْ يَصُومَهُ كَخَمِيسٍ (وَتَطَوُّعًا) أَيْ لَا لِعَادَةٍ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ قَالَ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ (وَقَضَاءً) عَنْ رَمَضَانَ السَّابِقِ (وَكَفَّارَةً) عَنْ هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَيَمِينٍ وَكَذَا نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ (وَلِنَذْرٍ صَادَفَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا لِلْمَاضِيَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيَسْتَمِرُّ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِهِلَالِ شَوَّالٍ اهـ خش

(قَوْلُهُ، وَإِنْ ثَبَتَ رَمَضَانُ) أَيْ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ كَأَنْ يُثْبِتَ بِالنَّقْلِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ عَدْلَانِ أَوْ جَمَاعَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ أَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ أَمْسَكَ) أَيْ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْمَنْوِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ نَهَارًا وَأَمْسَكَ فَإِنَّهُ يُمْسِكُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ صَوْمٍ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّوْمِ وَقْتَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَإِنْ نَوَى نَهَارًا كَانَتْ كَالْعَدَمِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَمْسَكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ نَهَارًا وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عِنْدَ إمْسَاكِهِ وَلَمْ يَجِدْ تِلْكَ النِّيَّةَ فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ كَانَ صَوْمُهُ كُلُّهُ بَاطِلًا، وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَالنِّيَّةُ قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ بَاطِلَةٌ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَصْبَحَ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ بَعْدَ ثُبُوتِهِ يَعْنِي إذَا وَقَعَتْ فِي مَحَلِّهَا بِأَنْ كَانَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِعِلْمِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ (قَوْلُهُ فَلَا كَفَّارَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ

(قَوْلُهُ، وَإِنْ غَيَّمَتْ) الصَّوَابُ ضَبْطُهُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ يَوْمُ الشَّكِّ) أَيْ صَبِيحَةُ يَوْمِ الشَّكِّ لِلشَّكِّ فِي كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَانَ أَيْ صَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ جَزْمًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتَسْمِيَتِهِ يَوْمَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةُ الثَّلَاثِينَ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ صَحْوًا وَتَحَدَّثَ فِيهَا بِالرُّؤْيَةِ مَنْ لَا يَثْبُتُ بِهِ كَعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الرُّؤْيَةِ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً مَعَ انْضِمَامِ حَدِيثِ مَنْ لَا يَثْبُتُ بِهِ وَقَوْلُهُمْ أَنَّهُ رُئِيَ مُثِيرٌ لِلشَّكِّ بِخِلَافِ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مَعَ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ لَا يُثِيرُ شَكًّا؛ لِأَنَّهُ صَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ

(قَوْلُهُ أَيْ أُذِنَ فِيهِ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَادَةً أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَقَضَاءً (قَوْلُهُ وَتَطَوُّعًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ الْقَائِلِ بِكَرَاهَةِ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَطَوُّعًا جَوَازُ الصَّوْمِ تَطَوُّعًا فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْكَرَاهَةِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصِلْهُ» أَيْ كَأَنْ يَصُومَ صَوْمًا مُعْتَادًا لَهُ فَيَسْتَمِرُّ فِيهِ عَلَى مَا كَانَ وَأَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّقْدِيمِ بِقَصْدِ تَعْظِيمِ الشَّهْرِ كَمَا أَنَّ الرَّوَاتِبَ الْقَبْلِيَّةَ فِي الصَّلَاةِ إذَا قُصِدَ بِهَا تَعْظِيمُ الْفَرِيضَةِ بَعْدَهَا تُكْرَهُ (قَوْلُهُ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ) أَيْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ مَا صِيمَ عَادَةً تَطَوُّعٌ فَالْمُتَعَاطِفَانِ غَيْرُ مُتَغَايِرَيْنِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ تَطَوُّعٌ مُعْتَادٌ وَالثَّانِي غَيْرُ مُعْتَادٍ (قَوْلُهُ قَالَ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ) أَيْ جَوَازُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا لَا لِعَادَةٍ (قَوْلُهُ وَقَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ السَّابِقِ) وَيُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَلَا الْفَائِتِ وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَقَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْفَائِتِ فَلَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِهِ قَضَاءً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَتَذَكَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَنَّهُ قَدْ قَضَى مَا فِي ذِمَّتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ فَإِنْ أَفْطَرَ فَهَلْ يَقْضِيهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَصُوِّبَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهُ ظَنًّا أَنَّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَفَّارَةً عَنْ هَدْيٍ) الْأَوْلَى وَكَفَّارَةً عَنْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ لَا أَنَّهُ كَفَّارَةٌ عَنْهُمَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ صَوْمُهُ إذَا كَانَ نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ فَصَامَ يَوْمَ الشَّكِّ، وَإِذَا صَامَهُ وَثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَضَى مَا فِي ذِمَّتِهِ وَيَوْمًا عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ اهـ خش (قَوْلُهُ وَلِنَذْرٍ صَادَفَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ صَوْمَهُ تَعْيِينًا بِأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَوْمُ الشَّكِّ سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015