(فَتَأْوِيلَانِ) فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا، وَأَمَّا إنْ أَفْطَرَ أَهْلُ الْمُنْفَرِدِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ تَأَوَّلُوا؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ عَدْلَيْنِ وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ بَعْدَ الرَّفْعِ وَلَمْ يَقْبَلُوا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ قَطْعًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كِرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ إذْ رَدُّ الْحَاكِمِ يُصَيِّرُ التَّأْوِيلَ بَعِيدًا وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ بِتَأْوِيلٍ
(لَا) يَثْبُتُ رَمَضَانُ (بِمُنَجِّمٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَلَا يُفْطِرُ) ظَاهِرًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ (مُنْفَرِدٌ بِشَوَّالٍ) أَيْ بِرُؤْيَتِهِ أَيْ يَحْرُمُ فِطْرُهُ (وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ) أَيْ الْإِطْلَاعَ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ التُّهْمَةِ بِالْفِسْقِ، وَأَمَّا فِطْرُهُ بِالنِّيَّةِ فَوَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ فَإِنْ أَفْطَرَ ظَاهِرًا وُعِظَ وَشُدِّدَ عَلَيْهِ فِي الْوَعْظِ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ وَإِلَّا عُزِّرَ (إلَّا بِمُبِيحٍ) لِلْفِطْرِ ظَاهِرًا كَسَفَرٍ وَحَيْضٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ لِذَلِكَ
(وَفِي تَلْفِيقِ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) شَهِدَ بِالرُّؤْيَةِ (أَوَّلَهُ) لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الصَّوْمُ (وَلِآخَرَ) شَهِدَ بِرُؤْيَةِ شَوَّالٍ (آخِرَهُ) وَعَدَمِ تَلْفِيقِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فَكَانَ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ وَلَا يُلَفِّقُ شَاهِدٌ إلَخْ وَفَائِدَةُ التَّلْفِيقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَجَبَ الْفِطْرُ لِاتِّفَاقِ شَهَادَتِهِمَا عَلَى مُضِيِّ الشَّهْرِ بِضَمِّ الْأَوَّلِ لِلثَّانِيَّ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَجَبَ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى التَّمَامِ وَفَائِدَةُ عَدَمِ التَّلْفِيقِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثُونَ حُرِّمَ الْفِطْرُ وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ وَأَوْلَى لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ
(وَ) فِي (لُزُومِهِ) أَيْ لِلصَّوْمِ لِلْمَالِكِيِّ (بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ) كَالشَّافِعِيِّ (بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَرَدُّدٌ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ
(وَرُؤْيَتُهُ) أَيْ الْهِلَالِ (نَهَارًا) وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (لِلْقَابِلَةِ) فَيَسْتَمِرُّ مُفْطِرًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَصَائِمًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَذَا خِلَافٌ فِي حَالِ هَلْ هَذَا تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ) أَيْ، وَهُوَ الْعَدْلُ وَالْمَرْجُوُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ) أَيْ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ أَيْ إذَا أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ
(قَوْلُهُ لَا بِمُنَجِّمٍ) ، وَهُوَ الَّذِي يَحْسِبُ قَوْسَ الْهِلَالِ هَلْ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَوْ لَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِ وَلَوْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّنَا مَأْمُورُونَ بِتَكْذِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِطْرُهُ بِالنِّيَّةِ فَوَاجِبٌ) لَكِنَّهُ لَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا فَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ أَحَدًا كَانَ كَمَنْ تَعَاطَى الْمُفْطِرَ ظَاهِرًا فَيُوعَظُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ وَإِلَّا عُزِّرَ (قَوْلُهُ إلَّا بِمُبِيحٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ مُتَلَبِّسًا بِعُذْرٍ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ سَفَرٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ ظَاهِرًا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ كَذَا فِي خش وَمِثْلُهُ فِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ لِمَ لَا يُقَالُ إنَّ الْفِطْرَ بِالنِّيَّةِ يَكْفِي إذَا الَّذِي يَحْرُمُ يَوْمَ الْعِيدِ هُوَ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ بِالنِّيَّةِ مُنَافٍ لَهُ اهـ بْن
(قَوْلُهُ وَفِي تَلْفِيقِ إلَخْ) الْقَوْلُ بِالضَّمِّ بَيْنَهُمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمِّ لِيَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَجَبَ الْفِطْرُ) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَوَّالٍ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ وَجَبَ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الثَّانِي مُصَدِّقَةٌ لِلْأَوَّلِ إذْ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بَعْدَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَوَّلِ لَا تُوجِبُ كَوْنَ هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شَوَّالٍ لِجَوَازِ كَوْنِ الشَّهْرِ كَامِلًا
(قَوْلُهُ وَلُزُومُهُ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخَالِفَ إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ بِوُجُوبِ صَوْمِهِ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ بِهَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَقَعَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَهُوَ الْعِبَادَاتُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ أَوَّلًا يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ وَحُكْمَهُ فِيهَا بَعْدَ إفْتَاءٍ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ صَلَاةٍ أَوْ بُطْلَانِهَا وَإِنَّمَا يَدْخُلُ حُكْمُهُ حُقُوقَ الْعِبَادِ مِنْ مُعَامَلَاتٍ وَغَيْرِهَا وَهَذَا قَوْلُ الْقَرَافِيِّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْقَرَافِيُّ شَيْخُ ابْنِ رَاشِدٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَوَائِلُ شَرْحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدِّيبَاجِ لَا تِلْمِيذُهُ خِلَافًا لِمَا فِي تت وخش وَلِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ قَوْلُ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا فَعَلَى هَذَا إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ الشَّهْرِ لَزِمَ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ لَا إنْ حَكَمَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لِلْمَالِكِيِّ وَصَامَ النَّاسُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالْفِطْرِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَصْعَبُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ رُئِيَ قَبْلَهُ فَلِلْمَاضِيَةِ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَالْفِطْرُ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ، وَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْفِطْرِ إنْ كَانَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَعَلَى الصَّوْمِ إنْ كَانَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ لِلْقَابِلَةِ) أَيْ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ