فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِبُرْءِ الْمَجْرُوحِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِي جُرْحُهُ عَلَى النَّفْسِ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ الْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْقِصَاصُ لِبُرْءِ الْجَانِي إنْ كَانَ مَرِيضًا، وَالْأَحْسَنُ التَّعْمِيمُ (كَدِيَتِهِ) أَيْ الْجُرْحِ (خَطَأً) فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ حَتَّى يَبْرَأَ خَوْفَ أَنْ يَسْرِيَ لِلنَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً (وَلَوْ) كَانَ (كَجَائِفَةٍ) وَآمَّةٍ وَمُوضِحَةٍ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَإِنَّ الْعَقْلَ يُؤَخَّرُ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِصَاصِ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ (و) تُؤَخَّرُ (الْحَامِلُ) الْجَانِيَةُ عَلَى طَرَفٍ، أَوْ نَفْسٍ عَمْدًا لِلْوَضْعِ وَوُجُودُ مُرْضِعٍ بَعْدَهُ حَذَرَ أَنْ يُؤْخَذَ نَفْسَانِ فِي نَفْسٍ (وَإِنْ) كَانَ الْقِصَاصُ (بِجُرْحٍ مُخِيفٍ) عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى وَلَدِهَا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُخِيفٍ فَلَا تُؤْخَذُ، وَهَذَا إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا بِقَرِينَةٍ لِلنِّسَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ حَرَكَتُهُ (لَا بِدَعْوَاهَا) الْحَمْلَ (و) إذَا أُخِّرَتْ (حُبِسَتْ) وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا كَفِيلٌ (كَالْحَدِّ) الْوَاجِبِ عَلَيْهَا قَذْفًا، أَوْ غَيْرَهُ تُؤَخَّرُ وَتُحْبَسُ.
(و) تُؤَخَّرُ (الْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ) تُرْضِعُ وَلَدَهَا
(و) تُؤَخَّرُ (الْمُوَالَاةُ فِي) قَطْعِ (الْأَطْرَافِ) إذَا خِيفَ التَّلَفُ مِنْ جَمْعِهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ فَيُفَرَّقُ فِي أَوْقَاتٍ (كَحَدَّيْنِ) وَجَبَا (لِلَّهِ) تَعَالَى كَشُرْبٍ وَزِنَا بِكْرٍ (لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِمَا فِي فَوْرٍ (وَبُدِئَ بِأَشَدَّ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) الْمَوْتَ مِنْهُ فَيَبْدَأُ بِحَدِّ الزِّنَا عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالْأَخَفِّ، وَهُوَ حَدُّ الشُّرْبِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أَيْضًا بُدِئَ بِالْأَشَدِّ مُفَرِّقًا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيقُهُ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْأَخَفِّ مُفَرِّقًا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلَّهِ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا لِآدَمِيِّينَ كَقَطْعٍ لِزَيْدٍ وَقَذْفٍ لِعَمْرٍو، فَالتَّبْدِئَةُ بِالْقُرْعَةِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ، وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ بُدِئَ بِمَا لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَضِي أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِحُرٍّ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَصِحُّ جَعْلُ اللَّامِ لِلتَّعْلِيلِ وَلَا حَذْفَ وَلَا شَيْءَ.
(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْقِصَاصُ) أَيْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِبُرْءِ الْجَانِي وَلَوْ تَأَخَّرَ الْبُرْءُ سَنَةً (قَوْلُهُ: كَدِيَتِهِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْحُكُومَةَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جُرْحَ الْخَطَإِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ يُؤَخَّرُ أَخْذُ عَقْلِهِ لِلْبُرْءِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أُخِذَ فِيهِ حُكُومَةٌ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ كَدِيَتِهِ خَطَأً) وَلَوْ كَجَائِفَةٍ أَيْ كَمَا تُؤَخَّرُ دِيَةُ الْخَطَإِ لِلْبُرْءِ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدِّيَةُ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ لِكَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ كَدِيَةِ الْمُوضِحَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ كَدِيَةِ الْجَائِفَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ مَتَى مَا بَلَغَ عَقْلُ الْجُرْحِ الْخَطَإِ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَلَا تَأْخِيرَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ سَاعَةَ الْجُرْحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمُوضِحَةٍ) الْأَوْلَى إبْدَالُهَا بِالدَّامِغَةِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْمُوضِحَةِ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ فِي الْمُوضِحَةِ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ إذَا كَانَتْ خَطَأً وَأَمَّا عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ بِخِلَافِ الْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ فَإِنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِصَاصِ إلَخْ) أَيْ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ وَفِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ الْجُرْحُ الْخَطَأُ وَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَيْ فِي الْخَطَإِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ سَرَيَانٌ تَكُونُ دِيَةُ الْجَائِفَةِ وَمَا مَعَهَا عَلَى الْجَانِي مَعَ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً.
(قَوْلُهُ: الْجَانِيَةُ عَلَى طَرَفٍ، أَوْ نَفْسٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى طَرَفٍ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ، وَإِنْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خُصُوصُ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ؛ إذْ الْمَعْنَى وَتُؤَخَّرُ الْحَامِلُ الْجَانِيَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْقِصَاصُ مِنْهَا بِسَبَبِ نَفْسٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ جُرْحٍ يُخَافُ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى الْوَلَدِ إذَا فَعَلَ بِهَا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا، وَهُوَ تَأْخِيرُهَا (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا بِقَرِينَةٍ لِلنِّسَاءِ) أَيْ كَتَغَيُّرِ ذَاتِهَا وَطَلَبِهَا لِمَا تَشْتَهِيهِ الْحَامِلُ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ حَرَكَتُهُ أَيْ هَذَا إذَا ظَهَرَ لَهُمْ حَرَكَةُ الْحَمْلِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُمْ حَرَكَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا أُخِّرَتْ) أَيْ لِأَجْلِ حَمْلِهَا حُبِسَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْحَدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا) أَيْ فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ فِيهِ لِأَجْلِ حَمْلِهَا وَتُحْبَسُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا كَفِيلٌ (قَوْلُهُ: وَتُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ) أَيْ الْجَانِيَةُ عَلَى نَفْسٍ عَمْدًا أَيْ، أَوْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُرْضِعٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ يَقْبَلُ غَيْرَهَا، وَإِلَّا وَجَبَ تَأْخِيرُهَا لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ وَتَأْخِيرُ الْمُرْضِعِ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ وَاجِبٌ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ الْفِعْلِ فَقَوْلُ عبق وَتُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ جَوَازًا فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ
(قَوْلُهُ: وَتُؤَخَّرُ الْمُوَالَاةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْجَانِي إذَا قَطَعَ طَرَفَيْنِ وَخِيفَ عَلَيْهِ إذَا قُطِعَا مِنْهُ مَعًا الْمَوْتُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا وَيُؤَخَّرُ قَطْعُ الثَّانِي لِبُرْءِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ قَطْعُهُمَا مَعًا، ثُمَّ يُقْطَعَانِ مَعًا؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا) أَيْ لَمْ يَقْدِرْ مَنْ وَجَبَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِمَا فِي فَوْرٍ) أَيْ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الثَّانِي فَيُقَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ) أَيْ قُدْرَتُهُ، أَوْ يَمُوتُ (قَوْلُهُ: فَالتَّبْدِئَةُ بِالْقُرْعَةِ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِشِدَّةٍ وَلَا لِخِفَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ، وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ) أَيْ كَمَا إذَا زَنَى وَكَانَ بِكْرًا وَقَذَفَ آخَرَ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَقَوْلُهُ بُدِئَ بِمَا لِلَّهِ أَيْ وَيُجْمَعُ عَلَيْهِ، أَوْ يُفَرَّقُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا بُدِئَ بِمَا لِلْآدَمِيِّ مُجْمَلًا، أَوْ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ قُدْرَتُهُ، أَوْ مَوْتُهُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ قَذَفَهُ وَقَطَعَ يَدَهُ، وَالْحُكْمُ فِيهِ مِثْلُ مَا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِلَّهِ فَيُقَدَّمُ الْأَشَدُّ