الْمُرَادُ بِهِ مَنْ بَاشَرَ الْقِصَاصَ مِنْ الْجَانِي (زَادَ) عَلَى الْمِسَاحَةِ الْمَطْلُوبَةِ (عَمْدًا) فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا زَادَهُ فَلَوْ نَقَصَ وَلَوْ عَمْدًا فَلَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا فَإِنْ مَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الطَّبِيبِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَمْدًا (وَإِلَّا) يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ، أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الطَّبِيبُ الزِّيَادَةَ بَلْ أَخْطَأَ (فَالْعَقْلُ) عَلَى الْجَانِي وَسَقَطَ الْقِصَاصُ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا، أَوْ دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْعَاقِلَةِ (كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ) جَنَى عَلَيْهَا فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا (بِصَحِيحَةٍ) أَيْ مِنْ ذِي صَحِيحَةٍ جَنَى عَلَيْهَا (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ جَنَى صَاحِبُ الشَّلَّاءِ عَادِمَةِ النَّفْعِ عَلَى الصَّحِيحَةِ فَلَا قِصَاصَ وَيَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ جَنَى عَلَى صَحِيحَةٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا بِالصَّحِيحَةِ وَبِالْعَكْسِ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ صَاحِبُ الصَّحِيحَةِ بِقَطْعِ الشَّلَّاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ عَدِمَتْ النَّفْعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ لَكَانَتْ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْجِنَايَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَعَيْنِ أَعْمَى) أَيْ حَدَقَتِهِ جَنَى عَلَيْهَا ذُو سَالِمَةٍ بِأَنْ قَلَعَهَا فَإِنَّ السَّالِمَةَ لَا تُؤْخَذُ بِهَا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَلْ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ بِالِاجْتِهَادِ وَفِي الْعَكْسِ الدِّيَةُ (وَلِسَانِ أَبْكَمَ) لَا يُقْطَعُ بِنَاطِقٍ وَلَا عَكْسِهِ وَفِي قَطْعِ النَّاطِقِ الدِّيَةُ وَفِي عَكْسَهُ الْحُكُومَةُ وَعَطَفَ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ وَيَنْتَفِي فِيهِ الْقِصَاصُ قَوْلَهُ (وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ) لَا قِصَاصَ فِيهِ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ إنْ بَرِئَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَتَالِفِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ مُنَقِّلَةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً فِي الرَّأْسِ، وَهِيَ الَّتِي (طَارَ) أَيْ زَالَ (فِرَاشُ الْعَظْمِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ كَقِشْرِ الْبَصَلِ أَيْ يُزِيلُهُ الطَّبِيبُ (مِنْ) أَجْلِ (الدَّوَاءِ) لِتَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ، فَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ الَّتِي أَطَارَ أَيْ أَزَالَ الطَّبِيبُ وَنَقَلَ صِغَارَ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ أَيْ مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ (وَآمَّةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَمْدُودَةٍ، وَهِيَ مَا (أَفْضَتْ لِلدِّمَاغِ) أَيْ الْمُخِّ أَيْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَأُمُّ الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَفْرُوشَةٌ عَلَى الدِّمَاغِ مَتَى انْكَشَفَتْ عَنْهُ مَاتَ (وَدَامِغَةٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ (خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ) أَيْ الدِّمَاغِ وَلَمْ تَنْكَشِفْ بَلْ بِنَحْوِ قَدْرِ مَغْرَزِ إبْرَةٍ، وَإِلَّا مَاتَ فَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ (وَلَطْمَةٍ) أَيْ ضَرْبَةٍ عَلَى الْخَدِّ بِبَاطِنِ الْكَفِّ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا عَقْلَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا فِي عَمْدِهَا الْأَدَبُ فَقَطْ، وَهَذَا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا جُرْحٌ، أَوْ ذَهَابُ مَنْفَعَةٍ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَفِي نُسْخَةٍ كَلَطْمَةٍ بِكَافِ التَّشْبِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بَلْ تَسْقُطُ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ قِصَاصًا وَعَقْلًا (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ بَاشَرَ الْقِصَاصَ مِنْ الْجَانِي) أَيْ وَأَمَّا الطَّبِيبُ بِمَعْنَى الْمُدَاوِي فَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الشُّرْبِ بِقَوْلِهِ كَطَبِيبٍ جَهِلَ، أَوْ قَصَّرَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ طَبِيبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا زَادَ) أَنْ يُقَدِّرَ مَسَّاحَةَ مَا زَادَ (قَوْلُهُ فَلَا نَقْصَ) أَيْ أَنَّ الْمِسَاحَةَ الْمَطْلُوبَةَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا أَيْ مِنْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ أَيْ الَّذِي زَادَ الطَّبِيبُ فِي جُرْحِهِ عَنْ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الطَّبِيبِ أَيْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَزِدْ عَمْدًا أَيْ بَلْ زَادَ خَطَأً فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ) أَيْ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَمَحَلُّ الْقِصَاصِ أَعْنِي عُضْوَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَعُضْوَ الْجَانِي بَلْ اخْتَلَفَا بِأَنْ قَطَعَ ذُو يَمِينٍ فَقَطْ ذَا يُسْرَى (قَوْلُهُ: بَلْ أَخْطَأَ) أَيْ بَلْ زَادَ خَطَأً (قَوْلُهُ، فَالْعَقْلُ عَلَى الْجَانِي وَسَقَطَ الْقِصَاصُ) فَلَا تُقْطَعُ يُمْنَى بِيُسْرَى حَيْثُ كَانَ لَا يُسْرَى لِلْجَانِي وَلَا وُسْطَى بِسَبَّابَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا سَبَّابَةَ لَهُ، وَهَكَذَا لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَمْدًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ عَمْدًا أَيْ، وَالْفَرْضُ عَدَمُ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ دُونَ الثُّلُثِ أَيْ، أَوْ كَانَ خَطَأً وَكَانَ عَقْلُهُ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَقَوْلُهُ فَفِي مَالِهِ أَيْ، فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ وَأَمَّا إذَا زَادَ الطَّبِيبُ خَطَأً وَمَاتَ الْجَانِي فَعَقْلُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: كَذِي شَلَّاءَ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْعَقْلِ دِيَةً، أَوْ حُكُومَةً وَعُدِمَ الْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: عَدِمَتْ النَّفْعَ) إسْنَادُ عَدَمِ النَّفْعِ لِلْيَدِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعْدَمُ النَّفْعَ صَاحِبُهَا فَحَقُّ الْكَلَامِ إنْ عَدِمَ صَاحِبُهَا النَّفْعَ بِهَا فَحَوَّلَ الْإِسْنَادَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا) أَيْ عَقْلُ الشَّلَّاءِ، وَهُوَ حُكُومَةٌ مِنْ ذِي الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ) أَيْ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الشَّلَّاءِ لِلصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ) أَيْ عَقْلُ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الِاحْتِمَالِ جَعَلَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِصَحِيحَةٍ بِمَعْنَى عَلَى.
وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ جَعَلَهَا بِمَعْنَى مِنْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُضَافٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الشَّلَّاءِ بِالصَّحِيحَةِ وَلَوْ رَضِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ (قَوْلُهُ: لَكَانَتْ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْجِنَايَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُقْطَعُ بِالصَّحِيحَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ شَاسٍ، لَكِنَّهُ تَعَقَّبَهُ بَعْدَهُ بِنَقْلِهِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِالرِّضَا فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَكْسِ) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا جَنَى أَعْمَى عَلَى ذِي عَيْنٍ سَالِمَةٍ فَقَلَعَهَا (قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي) أَيْ الْجِرَاحَاتُ الَّتِي طَارَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْلٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَآمَّةٌ) هِيَ الَّتِي تَلِي الْمُنَقِّلَةَ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا) أَيْ، وَهِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي أَفْضَتْ أَيْ وَصَلَتْ لِلدِّمَاغِ وَقَوْلُهُ أَيْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْآمَّةَ هِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي أَفْضَتْ أَيْ وَصَلَتْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَلَوْ بِمَغْرَزِ إبْرَةٍ وَلَمْ تَخْرِقْهَا، وَإِلَّا كَانَتْ دَامِغَةً كَمَا قَالَ بَعْدُ (قَوْلُهُ: خَرِيطَتَهُ) هِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا سَابِقًا بِأُمِّ الدِّمَاغِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَاتَ) أَيْ، وَإِلَّا، فَالْمَوْتُ يَكُونُ يَكْشِفُهَا عَنْهُ بِالْمَرَّةِ وَأَمَّا خَرْقُهَا فَلَا يُوجِبُ الْمَوْتَ (قَوْلُهُ: لَا قِصَاصَ فِيهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا جُرْحٌ) أَيْ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا جُرْحٌ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْجُرْحِ بِدُونِ ضَرْبٍ وَأَمَّا