وَلَا قِصَاصَ فِيهِمَا وَثَمَانِيَةٌ تَكُونُ فِي الرَّأْسِ، أَوْ الْخَدِّ، وَهِيَ الْمُنَقِّلَةُ، وَالْمُوضِحَةُ وَمَا قَبْلَهَا، وَهِيَ سِتَّةٌ وَفِيهَا الْقِصَاصُ إلَّا مُنَقِّلَةَ الرَّأْسِ فَقَالَ وَاقْتَصَّ مِنْ (مُوضِحَةٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ، وَهِيَ مَا (أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ) أَيْ أَظْهَرَتْهُ (و) عَظْمَ (الْجَبْهَةِ، وَالْخَدَّيْنِ) ، وَالْوَاوُ فِيهِمَا بِمَعْنَى، أَوْ فَمَا، أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ أَنْفًا، أَوْ لَحْيًا أَسْفَلَ لَا يُسَمَّى مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ اقْتَصَّ مِنْ عَمْدِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوضِحَةِ مَا لَهُ بَالٌ بَلْ (وَإِنْ) ، أَوْضَحَتْ (كَإِبْرَةٍ) أَيْ قَدْرَ مَغْرَزِهَا (و) اقْتَصَّ مِنْ (سَابِقِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ أَيْ مَا يُوجَدُ قَبْلَهَا مِنْ الْجِرَاحَاتِ، وَهِيَ سِتَّةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ وَثَلَاثَةٌ بِاللَّحْمِ وَرَتَّبَهَا عَلَى حُكْمِ وُجُودِهَا الْخَارِجِيِّ فَقَالَ (مِنْ دَامِيَةٍ) ، وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدَ فَيَرْشَحُ مِنْهُ دَمٌ مِنْ غَيْرِ شَقِّ الْجِلْدِ (وَحَارِصَةٍ شَقَّتْ الْجِلْدَ) وَأَفْضَتْ لِلَّحْمِ (وَسِمْحَاقٍ) بِالْكَسْرِ (كَشَطَتْهُ) أَيْ الْجِلْدَ أَيْ أَزَالَتْهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِاللَّحْمِ بِقَوْلِهِ (وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ) أَيْ فِي اللَّحْمِ (بِتَعَدُّدٍ) أَيْ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَلَمْ تَقْرُبْ مِنْ الْعَظْمِ (وَمِلْطَأَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ) وَلَمْ تَصِلْ لَهُ (كَضَرْبَةِ السَّوْطِ) فِيهَا الْقِصَاصُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا انْضِبَاطَ لَهَا وَلَا يَنْشَأُ عَنْهَا جُرْحٌ غَالِبًا بِخِلَافِ السَّوْطِ، وَالضَّرْبُ بِالْعَصَا كَاللَّطْمَةِ فِي الْمَشْهُورِ إلَّا أَنْ يَنْشَأَ عَمَّا ذُكِرَ جُرْحٌ وَأَشَارَ لِمَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْجَسَدُ مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى مُوضِحَةٍ (و) اقْتَصَّ مِنْ (جِرَاحِ الْجَسَدِ) غَيْرَ الرَّأْسِ (وَإِنْ مُنَقِّلَةً) وَيَأْتِي لَهُ تَفْسِيرُهَا وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهَا كَمُنَقِّلَةِ الرَّأْسِ وَيُعْتَبَرُ (بِالْمِسَاحَةِ) فَيُقَاسُ الْجُرْحُ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا فَقَدْ يَكُونُ نِصْفَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجُلَّ عُضْوِ الْجَانِي، أَوْ كُلَّهُ وَبِالْعَكْسِ، وَهَذَا (إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ جُرْحِ عُضْوٍ أَيْمَنَ فِي أَيْسَرَ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا تُقْطَعُ سَبَّابَةٌ مَثَلًا بِإِبْهَامٍ وَلَوْ كَانَ عُضْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ طَوِيلًا وَعُضْوُ الْجَانِي قَصِيرًا فَلَا يَكْمُلُ بَقِيَّةَ الْجُرْحِ مِنْ عُضْوِهِ الثَّانِي وَشَبَّهَ فِي الْقِصَاصِ قَوْلَهُ (كَطَبِيبٍ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِذَا اتَّحَدَ الْعُضْوُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَمَا إذَا تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَطْعِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كُلُّ وَاحِدٍ

(قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ فِيهِمَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَتَالِفِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهَا) أَيْ فِي الْوُجُودِ وَقَوْلُهُ، وَهِيَ سِتَّةٌ أَيْ، وَهِيَ الدَّامِيَةُ، وَالْحَارِصَةُ وَالسِّمْحَاقُ، وَالْبَاضِعَةُ، وَالْمُتَلَاحِمَةُ وَالْمِلْطَأَةُ بِالْهَمْزَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَفِيهَا الْقِصَاصُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ، أَوْ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ، أَوْضَحَتْ صِلَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ خَبَرٌ عَنْ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ لَا أَنَّهُ صِفَةٌ لِمُوضِحَةٍ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّخْصِيصُ بِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ غَيْرَهَا يُسَمَّى مُوضِحَةً، لَكِنْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّمَا يَظْهَرُ تَعْرِيفُ الْمُوضِحَةِ بِمَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الدِّيَةِ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْقِصَاصِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ مُوضِحَةِ الْخَدِّ، وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ تَفْسِيرَهَا هُنَا؛ إذْ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْقِصَاصِ بَلْ يَقُولُ، أَوْضَحْت الْعَظْمَ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ تَفْسِيرُهَا بِمَا ذُكِرَ فِي الدِّيَات وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا، أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ مَا أَوْضَحَ الْعَظْمَ مُطْلَقًا فَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ مَعْنَاهَا فِي الِاصْطِلَاحِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْقِصَاصُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُقْتُصَّ مِنْ عَمْدِهِ) أَيْ مِنْ عَمْدِ مَا أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوضِحَةِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: قَدْرَ مَغْرَزِهَا) أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ، أَوْ غَيْرِهَا، وَكَذَا كُلُّ جُرْحٍ كَانَ مِمَّا يُقْتَصُّ فِيهِ، أَوْ تَتَعَيَّنُ فِيهِ الدِّيَةُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَالٌ بَلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَغْرَزٍ إبْرَة (قَوْلُهُ: وَسَابِقِهَا) أَيْ السَّابِقِ عَلَيْهَا فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ (قَوْلُهُ: وَحَارِصَةٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَأَلِفٍ فَرَاءٍ فَصَادٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ شَقَّتْ الْجِلْدَ صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ مَحْذُوفٍ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَهِيَ الَّتِي شَقَّتْ الْجِلْدَ أَيْ قَطَعَتْهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ) أَيْ بِأَنْ أَخَذَتْ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا (قَوْلُهُ: قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ لَهُ) .

حَاصِلُهُ أَنَّ الْمِلْطَأَةَ هِيَ الَّتِي أَزَالَتْ اللَّحْمَ وَقَرُبَتْ لِلْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهِ بَلْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سِتْرٌ رَقِيقٌ فَإِنْ أَزَالَتْ ذَلِكَ السِّتْرَ وَوَصَلَتْ لِلْعَظْمِ كَانَتْ مُوضِحَةً (قَوْلُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ وَاقْتَصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَالضَّرْبُ بِالْعَصَا كَاللَّطْمَةِ) أَيْ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ وَذَلِكَ لِخَطَرِهَا وَعَدَمِ انْضِبَاطِهَا فَرُبَّمَا زَادَتْ عَلَى الْأُولَى بِخِلَافِ السَّوْطِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْشَأَ عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ فِي اللَّطْمَةِ، وَالضَّرْبِ بِالْعَصَا جُرْحٌ فَإِنْ نَشَأَ عَنْهُ جُرْحٌ، فَالْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: وَاقْتُصَّ مِنْ جِرَاحِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجِرَاحِ الْجَسَدِ عَطْفٌ عَلَى مُوضِحَةٍ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الرَّأْسِ) أَيْ وَأَمَّا جِرَاحُ الرَّأْسِ فَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُنَقِّلَةً) صَوَابُهُ، وَإِنْ هَاشِمَةً فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ بِالْمِسَاحَةِ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ الْقِصَاصُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ، وَهِيَ جِرَاحَاتُ الرَّأْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْجَسَدِ بِالْمُسَامِحَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) أَيْ وَاعْتِبَارُ الْقِصَاصِ بِالْمِسَاحَةِ إنَّمَا يَكُونُ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، وَهَذَا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَلَا يُنْظَرُ لِلْمِسَاحَةِ بَلْ يُقْطَعُ الْعُضْوُ الصَّغِيرُ بِالْكَبِيرِ الْمُمَاثِلِ لَهُ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْمِلُ بَقِيَّةَ الْجُرْحِ مِنْ عُضْوِهِ الثَّانِي)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015