(إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ) ، فَالضَّمَانُ أَيْ لَا إنْ قَدَرُوا عَلَى الصَّرْفِ فَلَمْ يَصْرِفُوا خَوْفًا مِنْ غَرَقٍ، أَوْ نَهْبٍ، أَوْ أَسْرٍ، أَوْ وُقُوعٍ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى تَلِفَتَا، أَوْ إحْدَاهُمَا، أَوْ مَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ مَتَاعٍ فَضَمَانُ الْأَمْوَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الصَّرْفِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْلَمُوا بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ (وَإِلَّا) يَكُنْ التَّصَادُمُ فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ، أَوْ فِيهِمَا، أَوْ التَّجَاذُبُ قَصْدًا بَلْ خَطَأً (فَدِيَةُ كُلٍّ) مِنْ الْآدَمِيَّيْنِ (عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِلْخَطَإِ (و) قِيمَةُ (فَرَسِهِ) مَثَلًا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرَسَ؛ لِأَنَّ التَّصَادُمَ غَالِبًا يَكُونُ فِي رُكُوبِ الْخَيْلِ (فِي مَالِ الْآخَرِ) لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ غَيْرَ الدِّيَةِ (كَثَمَنِ الْعَبْدِ) أَيْ قِيمَتِهِ لَا يَكُونُ عَلَى عَاقِلَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ بَلْ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ حَالَّةً فَإِنْ تَصَادَمَا فَمَاتَا فَإِنْ زَادَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَضْمَنْ سَيِّدُهُ الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَرَقَبَتُهُ زَالَتْ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ أَخَذَ سَيِّدُهُ الزَّائِدَ مِنْ مَالِ الْحُرِّ حَالًّا (وَإِنْ) (تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ) لِلضَّرْبِ مَعًا، أَوْ مُتَرَتِّبًا (فَفِي الْمُمَالَأَةِ) عَلَى الْقَتْلِ (يُقْتَلُ الْجَمِيعُ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَقْوَى ضَرْبًا وَغَيْرِهِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَحَدِهِمْ ضَرْبٌ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا إنْ مَاتَ مَكَانَهُ، أَوْ أَنْفَذَ لَهُ مَقْتَلَهُ، أَوْ رَفَعَ مَغْمُورًا حَتَّى مَاتَ، وَإِلَّا قُتِلَ وَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ، وَالْمُتَمَالَئُونَ كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَإِلَّا) يَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ بِأَنْ قَصَدَ كُلٌّ قَتْلَهُ بِانْفِرَادِهِ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقِهِ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ قَصَدَ كُلٌّ ضَرْبَهُ بِلَا قَصْدِ قَتْلٍ فَمَاتَ (قُدِّمَ الْأَقْوَى) فِعْلًا حَيْثُ تَمَيَّزَتْ أَفْعَالُهُمْ فَيُقْتَلُ وَيُقْتَصُّ مِمَّنْ جَرَحَ، أَوْ قَطَعَ وَيُؤَدَّبُ مَنْ لَمْ يَجْرَحْ فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ بِأَنْ تَسَاوَتْ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ الْأَقْوَيْ قُتِلَ الْجَمِيعُ إنْ مَاتَ مَكَانَهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا، وَإِلَّا فَوَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ
(وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ) حَالَ الْقَتْلِ كَعَبْدَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (بِزَوَالِهَا) أَيْ الْمُسَاوَاةِ (بِعِتْقٍ، أَوْ إسْلَامٍ) لِلْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَمِثْلُ الْقَتْلِ الْجِرَاحُ (وَضَمِنَ) الْجَانِي عِنْدَ زَوَالِ الْمُسَاوَاةِ، أَوْ عَدَمِهَا فِي خَطَإٍ، أَوْ عَمْدٍ فِيهِ مَالٌ (وَقْتَ الْإِصَابَةِ) فِي الْجُرْحِ لَا وَقْتَ الرَّمْيِ (و) وَقْتَ (الْمَوْتِ) فِي النَّفْسِ لَا وَقْتَ السَّبَب مِنْ رَمْيٍ، أَوْ جُرْحٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُعْتَبَرُ وَقْتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحُمِلَتْ السَّفِينَتَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى الْعَجْزِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَادُمُهُمَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ (قَوْلُهُ: بَلْ خَطَأً) أَيْ بَلْ حَصَلَ التَّصَادُمُ خَطَأً مِنْهُمَا فَدِيَةُ كُلٍّ إلَخْ وَبَقِيَ مَا إذَا تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ وَأَخْطَأَ الْآخَرُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ هُوَ الْمُتَعَمِّدُ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْمُخْطِئُ اُقْتُصَّ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَلَا يُقَالُ الْمُتَعَمِّدُ دَمُهُ هَدَرٌ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَاقِلَةَ الْمُخْطِئِ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَكُونُ دَمُهُ هَدَرًا إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ مَوْتَ الْمُخْطِئِ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِهِمَا مَعًا، أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُخْطِئِ وَحْدَهُ، أَوْ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ لَا يُقَالُ مَنْ صَالَ عَلَى شَخْصٍ قَاصِدًا قَتْلَهُ وَعَلِمَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَقَتَلَهُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا لَا شَيْءَ فِيهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ قَاصِدَ الْمُصَادَمَةِ دَمُهُ هَدَرٌ لَا يَلْزَمُ عَاقِلَةَ الْمُخْطِئِ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَاصِدُ الْمُصَادَمَةِ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا الْقَتْلُ فَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا.
(تَنْبِيهٌ)
مِنْ الْخَطَإِ عَلَى الظَّاهِرِ أَنْ يَزْلِقَ إنْسَانُ فَيَمْسِكُ آخَرَ، ثُمَّ هُوَ يَمْسِكُ ثَانِيًا، وَهَكَذَا فَيَقَعُ الْجَمِيعُ وَيَمُوتُونَ، فَالْأَوَّلُ هَدَرٌ وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرَسَ) أَيْ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ مِثْلَهَا كُلُّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّصَادُمَ إلَخْ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الَّذِي يَتْلَفُ عِنْدَ الْمُصَادَمَةِ هُوَ الْمَرْكُوبُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَصَادَمَا) أَيْ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَمَاتَا فَفِيهِمَا مَا ذُكِرَ وَيَتَقَاصَّانِ فَإِنْ زَادَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ لِلضَّرْبِ مَعًا) أَيْ كَانَ ضَرْبُهُمْ مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا (قَوْلُهُ: فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ) هَذَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ بَلْ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ وَكَانَ بَعْضُهَا أَقْوَى (قَوْله بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَحَدِهِمْ ضَرْبٌ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ، وَإِنَّمَا هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ؛ إذْ مَعَ التَّمَالُؤِ عَلَى الْقَتْلِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَحْصُلَ مُبَاشَرَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ، أَوْ لَا تَحْصُلُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ وَقَالَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ كَانَ، أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ فَضَرَبُوهُ فَمَاتَ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَقْوَى فِعْلًا) أَيْ، وَهُوَ مَنْ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ بِأَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ أَشَدَّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ، أَوْ رَفَعَ مَغْمُورًا وَاسْتَمَرَّ مُدَّةً وَمَاتَ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَوَاحِدٌ إلَخْ أَيْ، وَإِلَّا يَمُتْ مَكَانَهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَفَعَ حَيًّا غَيْرَ مَغْمُورٍ وَلَا مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ فَيُقْتَلُ وَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ، وَهَذَا مَا فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْأَقْوَى سَقَطَ الْقِصَاصُ سَوَاءٌ مَاتَ مَكَانَهُ، أَوْ رَفَعَ حَيًّا غَيْرَ مَغْمُورٍ وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ) أَيْ لَا يَسْقُطُ تَرَتُّبُ الْقَتْلِ الْكَائِنِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْقَتْلِ بِالْجُرْحِ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ تَرَتُّبُهُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ حُرٍّ مُسْلِمٍ مُمَاثِلٍ لَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ، فَالْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الْمَانِعِ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ شَرْطٌ فِي الْقِصَاصِ وَقَوْلُهُ هُنَا لَا يَسْقُطُ إلَخْ بَيَانٌ لِعَدَمِ سُقُوطِهِ بَعْدَ تَرَتُّبِهِ فَمَا هُنَا مُغَايِرٌ لِمَا مَرَّ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ حِينَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ