دُونَ الْآخَرِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ قَصْدًا (وَحُمِلَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَصْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ لَا عَلَى الْخَطَإِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِلْقِصَاصِ مِنْ الْحَيِّ (عَكْسُ) (السَّفِينَتَيْنِ) إذَا تَصَادَمَتَا فَتَلِفَتَا، أَوْ إحْدَاهُمَا وَجُهِلَ الْحَالُ فَيُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ فَلَا قَوَدَ وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ جَرْيَهُمَا بِالرِّيحِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ أَرْبَابِهِمَا، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْقَصْدِ هُوَ الْعَجْزُ لَا الْخَطَأُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَمَّا الْخَطَأُ فَفِيهِ الضَّمَانُ فَظَهَرَ أَنَّ لِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَائِدَةً حَيْثُ حُمِلَ عَلَى الْعَجْزِ وَأَمَّا الْمُتَصَادِمَانِ فَفِي الْعَمْدِ الْقَوَدُ كَمَا قَالَ وَفِي الْخَطَإِ الضَّمَانُ وَلَوْ سَفِينَتَيْنِ فِيهِمَا وَلَا شَيْءَ فِي الْعَجْزِ بَلْ هَدَرٌ وَلَوْ غَيْرَ سَفِينَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَادُمُهُمَا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يَصْرِفَ نَفْسَهُ، أَوْ دَابَّتَهُ عَنْ الْآخَرِ فَلَا ضَمَانَ بَلْ هَدَرٌ وَلَا يُحْمَلَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْعَمْدِ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ كَالْخَطَإِ فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ، وَالْقِيَمُ فِي الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ السَّفِينَتَيْنِ، فَهَدَرٌ وَحُمِلَا عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ جَرْيَهُمَا بِالرِّيحِ كَمَا تَقَدَّمَ (لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ فَلَا قَوَدَ وَلَا ضَمَانَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُرَّ قِيمَتُهُ حَيْثُ مَاتَ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الْآخَرِ) أَيْ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْقَاصِدِ إنْ مَاتَ غَيْرُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْقَاصِدُ فَعَلَى عَاقِلَةِ غَيْرِهِ دِيَتُهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُدَرْ هَلْ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا صَدَرَ عَنْ قَصْدٍ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ) أَيْ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ حَمْلِهِمَا عَلَى الْعَمْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ تَظْهَرُ أَيْضًا فِي مَوْتِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ حَمْلَهُمَا حِينَئِذٍ عَلَى الْقَصْدِ يُوجِبُ إهْدَارَ دَمِهِمَا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْقَوَدِ وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ حُمِلَا عَلَى الْخَطَإِ لَوَجَبَتْ دِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا لَهُ وَلِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَارْتَضَاهُ ح مِنْ أَنَّ التَّصَادُمَ بِالسَّفِينَتَيْنِ عَمْدًا فِيهِ الْقَوَدُ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا قَوَدَ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ تَصَادُمُهُمَا عَمْدًا فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَصَادَمَا عَمْدًا، فَالْقَوَدُ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِمَا إذَا تَصَادَمَا وَلَوْ قَصْدًا وَحُمِلَ الْمُتَصَادِمَانِ عَلَى الْقَصْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ.

(قَوْلُهُ: فَيُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ بَلْ عَلَى الْعَجْزِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ هَدَرًا لَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ لِلْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوْلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ يَصْدُقُ بِالْخَطَإِ، وَالسَّفِينَتَانِ لَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَإِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَدْ بَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ الْقَصْدِ بَعْدُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا يُحْمَلَانِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى الْعَمْدِ وَلَا عَلَى الْخَطَإِ بَلْ عَلَى الْعَجْزِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ أَرْبَابِهِمَا) أَيْ بِخِلَافِ الْفَارِسَيْنِ، وَهَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْفَارِسَيْنِ، وَالسَّفِينَتَيْنِ إذَا تَصَادَمَا وَجُهِلَ الْحَالُ حَيْثُ حُمِلَ الْفَارِسَانِ عَلَى الْعَمْدِ، وَالسَّفِينَتَانِ عَلَى الْعَجْزِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخَطَأُ) لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ التَّصَادُمِ عَمْدًا وَحُكْمَهُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ أَشَارَ لِحُكْمِهِ إذَا وَقَعَ خَطَأً بِأَنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ النَّوَاتِيَّةِ، أَوْ رَاكِبِ الْفَرَسِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ فَقَالَ وَأَمَّا الْخَطَأُ أَيْ وَأَمَّا التَّصَادُمُ الْخَطَأُ فَفِيهِ الضَّمَانُ أَيْ لِقِيَمِ الْأَمْوَالِ وَلِدِيَاتِ النُّفُوسِ، وَهَذَا الْقِسْمُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا دَاعِي لِذِكْرِ الشَّارِحِ لَهُ هُنَا إلَّا ضَمَّ الْأَقْسَامِ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ لِسُهُولَةِ الضَّبْطِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ حُمِلَ) أَيْ التَّصَادُمُ فِيهِمَا عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى الْعَجْزِ أَيْ وَأَمَّا إذَا حُمِلَ عَلَى الْخَطَإِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ فَائِدَةً مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْخَطَإِ كَانَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعَجْزِ كَانَ مُوجِبًا لِسُقُوطِهِ، فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ فَظَهَرَ إلَخْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُتَصَادِمَانِ إلَخْ) هَذَا شِبْهُ حَاصِلٍ لِمَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَصَادِمَيْنِ فِي الْعَمْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ فِي الْعَجْزِ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ الرِّيحِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّفِينَةِ وَمِنْ الْفَرَسِ لَا مِنْ رَاكِبِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ سَفِينَتَيْنِ) أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا جَمَحَ الْفَرَسُ وَلَمْ يَقْدِرْ رَبُّهُ عَلَى صَرْفِهِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ أَيْ، وَإِنْ تَصَادَمَا قَصْدًا فَمَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَالْقَوَدُ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَيَكُونُ مَنْ مَاتَ هَدَرًا، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا مُقَيَّدٌ بِالْقَصْدِ، وَالتَّصَادُمِ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ قَصْدٌ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَكْسَ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْقَصْدِ، وَهُوَ فَاسِدٌ.

(قَوْلُهُ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ بِالرِّيحِ، أَوْ الْفَرَسِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ أَيْ بِغَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ وَقَوْلُهُ كَالْخَطَإِ فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ إلَخْ أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ جَمَحَ الْفَرَسُ وَلَمْ يَقْدِرْ رَاكِبُهُ عَلَى صَرْفِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ يُرَدُّ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا، فَهُوَ ضَامِنٌ وَبِقَوْلِهَا إنْ كَانَ فِي رَأْسِ الْفَرَسِ اغْتِرَامٌ فَحَمَلَ بِصَاحِبِهِ فَصَدَمَ فَرَاكِبُهُ ضَامِنٌ.

(قَوْلُهُ: وَحُمِلَا عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ) أَيْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015