وَقَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ مَعَ التَّتَّائِيِّ فَتَدَبَّرْهُ (وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي) ، وَهُوَ الْغَيْرُ الْمُصَاحِبُ لِلشِّقْصِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ (وَ) إذَا بِيعَ الشِّقْصُ مُؤَجَّلًا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ (إلَى أَجَلِهِ) الَّذِي وَقَعَ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ إلَيْهِ (إنْ أَيْسَرَ) الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ يَوْمَ الْأَخْذِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِيُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (أَوْ) لَمْ يُوسِرْ وَلَكِنْ (ضَمِنَهُ مَلِيءٌ) ، أَوْ أَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَطَلَبَ ضَرْبَ أَجَلٍ كَالْأَوَّلِ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، أَوْ لَا؟ خِلَافُ الرَّاجِحِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الشَّفِيعُ مُوسِرًا وَلَا ضَمِنَهُ مَلِيءٌ (عَجَّلَ) الشَّفِيعُ (الثَّمَنَ) لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ بِبَيْعِ الشِّقْصِ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا) أَيْ الشَّفِيعُ، وَالْمُشْتَرِي (عُدْمًا) فَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِضَامِنٍ وَيَأْخُذُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) فَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَشَدَّ عُدْمًا لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِحَمِيلٍ فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يَأْتِ بِالدَّيْنِ أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ.
(وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُشْتَرِي (إحَالَةُ الْبَائِعِ بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِدَيْنٍ حَالٍّ وَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي دَيْنٌ بَاعَهُ بِدَيْنٍ عَلَى الشَّفِيعِ فَلَوْ لَمْ تَقَعْ الْحَوَالَةُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ جَازَتْ (كَأَنْ أَخَذَ) الشَّفِيعُ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ) الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ (وَيَرْبَحَ) الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ ابْتِدَاءً، أَوْ يَرْبَحَ فِي بَيْعِهِ لَهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ لَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا أَخَذَهُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ لِيَهَبَ، أَوْ يَتَصَدَّقَ فَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ إلَّا لِيَتَمَلَّكَ فَلَوْ قَالَ كَأَخْذِهِ لِغَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَشْمَلَ فَإِنْ أَخَذَ لِغَيْرِهِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ وَلِذَا قَالَ (ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إنْ أَخَذَ لِيَبِيعَ فَقَوْلَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِيمَتَيْنِ وَيَأْخُذُ مِنْ الثَّمَنِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ مَعَ التَّتَّائِيِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ يَرْجِعُ لِمَا قَالَهُ غَيْرُهُ فَلَا وَجْهَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا وَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُ الشَّفِيعِ بِهِ وَلَا لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ جَبْرًا عَنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْغَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِيُسْرِهِ) أَيْ وَلَا يَكْفِي تَحَقُّقُ يُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِنُزُولِ جَامَكِيَّةٍ، أَوْ مَعْلُومِ وَظِيفَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا كَانَ يَوْمَ الْأَخْذِ مُعْسِرًا مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلشَّفِيعِ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ ضِيقٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِتَرْكِهِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يُرَاعَى أَيْضًا خَوْفُ طُرُوُّ عُسْرِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ إلْغَاءً لِلطَّارِئِ لِوُجُودِ مُصَحِّحِ الْعَقْدِ يَوْمَ الْأَخْذِ، وَهُوَ الْيُسْرُ (قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يُوسِرْ) أَيْ يَوْمَ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) أَيْ.
وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ بْن لَكِنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا الْقَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ وَقَوْلُهُ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ أَيْ كَمَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَطَلَبَ ضَرْبَ أَجَلٍ كَالْأَوَّلِ أَنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجَابُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِبَيْعِ الشِّقْصِ) أَيْ، أَوْ بِتَسَلُّفٍ (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) أَيْ أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ إذَا وَجَدَ حَمِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، ثُمَّ إذَا عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُعَجِّلَهُ لِلْبَائِعِ، بَلْ حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ الَّذِي اشْتَرَى لَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الشَّفِيعُ مُعْدَمًا فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِضَامِنٍ وَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمُشْتَرِي فِي الْعُدْمِ.
(قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ إلَخْ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ كَأَنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ) أَيْ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ مَالًا أَيْ كَالْجَعَالَةِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ أَجْنَبِيٌّ لِلشَّفِيعِ أُعْطِيك دِينَارًا جَعَالَةً عَلَى أَنَّك تَأْخُذُ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ، وَأَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْك بِذَلِكَ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فِي بَيْعِهِ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا أَخَذَهُ بِهِ) أَيْ كَمَا إذَا بِيعَ الشِّقْصُ بِعَشَرَةٍ فَيَقُولُ الْأَجْنَبِيُّ لِلشَّفِيعِ خُذْهُ بِالشُّفْعَةِ، وَأَنَا آخُذُهُ مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ فَأُرْبِحُكَ فِيهِ اثْنَيْنِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ تُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي دُفِعَ لِلشَّفِيعِ فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ جَعَالَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ دُفِعَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ رِبْحٌ وَزَادَ خش تَبَعًا لتت صُورَةً ثَالِثَةً غَيْرَ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُنَا فِي الشَّرْحِ، وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ غَرَضٌ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَّا إنْكَاءَ الْمُشْتَرِي، وَإِضْرَارَهُ اهـ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَلَا يَأْتِي فِيهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ لَا آخُذُ لَهُ وَقَالَ طفى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَيْهَا وَعَلَى أَنَّهُ لَا أَخْذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) فِيهِ أَنَّهُ كَالْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ الْمَالِ مُعَلَّقٌ عَلَى إسْقَاطِ حَقٍّ يَحْصُلُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ خِلَافُ مُورِدِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَنْ نَفْسِهِ لَا لِيَرْبَحَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ لِيَهَبَ، أَوْ يَتَصَدَّقَ) أَيْ، أَوْ لِيُوَلِّيَهُ لِغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِيَرْبَحَ (قَوْلُهُ كَأَخْذِهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ لِغَيْرِهِ إعْرَاضٌ عَنْهَا لِنَفْسِهِ وَمَحَلُّ سُقُوطِهَا إذَا عُلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ أَشْهَبَ وَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ.