قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثِ لَوَجَبَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا لَا وَارِثًا (عَقَارًا) مَفْعُولٌ لِأَخْذِ شَرِيكٍ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ، وَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ، وَالْعَقَارُ هُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ، أَوْ عَرْضٍ إلَّا تَبَعًا كَمَا يَأْتِي (وَلَوْ) كَانَ الْعَقَارُ (مُنَاقَلًا بِهِ) ، وَالْمُنَاقَلَةُ بَيْعُ الْعَقَارِ بِمِثْلِهِ: وَلَهُ صُوَرٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ حِصَّةٌ مِنْ دَارٍ وَلِآخَرَ حِصَّةٌ مِنْ أُخْرَى فَنَاقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَلِشَرِيكِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ نَاقَلَ شَرِيكَهُ وَيَخْرُجَانِ مَعًا مِنْ الدَّارَيْنِ،.
، ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ شَرْطَ الْعَقَارِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ قَبُولُهُ الْقِسْمَةَ بِقَوْلِهِ (إنْ انْقَسَمَ) أَيْ قَبِلَ الْقِسْمَةَ لَا إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا، أَوْ قَبِلَهَا بِفَسَادٍ كَالْحَمَّامِ، وَالْفُرْنِ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (الْإِطْلَاقُ) أَيْ إنَّهَا تَكُونُ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرِهِ لِضَرَرٍ لِلشَّرِكَةِ الطَّارِئَةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُزِيدَ لَفْظَ أَيْضًا لِيُفِيدَ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهَا أَيْضًا (وَعُمِلَ بِهِ) أَيْ حَكَمَ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لَكِنْ فِي حَمَّامٍ كَانَ بَيْنَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفَقِيهِ وَشَرِيكٍ لَهُ فِيهِ فَبَاعَ أَحْمَدُ الْفَقِيهُ حِصَّتَهُ فِيهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَرَفَعَهُ شَرِيكُهُ لِقَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ فَأَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ وَشَاوَرَهُمْ فَأَفْتَوْا بِعَدَمِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَذَهَبَ الشَّرِيكُ لِلْأَمِيرِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ نَزَلَتْ بِي نَازِلَةٌ حُكِمَ عَلَيَّ فِيهَا بِغَيْرِ قَوْلِ مَالِكٍ فَأَرْسَلَ الْأَمِيرُ لِلْقَاضِي يَقُولُ لَهُ اُحْكُمْ لَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فَأَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ وَسَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَقَالُوا مَالِكٌ يَرَى الشُّفْعَةَ فَحُكِمَ لَهُ بِهِ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الشُّفْعَةُ بِمَا يَنْقَسِمُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ فِيهِ الْبَيْعَ أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَانْتَفَى ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ، كَذَا عَلَّلُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي شُرِعَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ الطَّارِئَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَبِعْ، وَالضَّرَرُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَبِعْ شَرِيكُهُ مَعَهُ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ) أَيْ يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (وَلَوْ) كَانَ الثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ بِهِ (دَيْنًا) لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ (أَوْ قِيمَتِهِ) إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُقَوَّمًا كَعَبْدٍ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الشِّقْصُ بِثَمَنِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِرَهْنٍ، أَوْ ضَامِنٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا مَعَ رَهْنٍ مِثْلِ رَهْنِهِ يَدْفَعُهُ لِلْمُشْتَرِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا جَزَمَ بِهِ عج، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ فِي الشِّقْصِ الَّذِي، أَوْصَى الْمَيِّتُ بِبَيْعِهِ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ عَلَى الصَّوَابِ (قَوْلُهُ قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ، وَأَخْذُ الْوَارِثِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ يُبْطِلُ مَا قَصَدَهُ مُورِثُهُ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ) أَيْ، وَأَوْصَى بِبَيْعِ ثُلُثِهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَنَاقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُنَاقَلَةُ بِقَصْدِ الْإِرْفَاقِ بِكُلٍّ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ.
(قَوْلُهُ لِضَرَرٍ إلَخْ) أَيْ لِضَرَرِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ بِشَرِكَةِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّتِي هِيَ عِلَّةٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَأَمَّا عِلَّتُهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ دَفْعُ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّنَا إنْ قُلْنَا إنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُقَاسَمَةِ خُصَّتْ بِمَا يَنْقَسِمُ إذْ لَا يُجَابُ لِقِسْمَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا سَبَبُهَا دَفْعَ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَمَّتْ مَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ الشَّرِيكُ لَهُ أَيْ لِلْأَمِيرِ النَّاصِرِ وَقَوْلُهُ حُكِمَ إلَخْ أَيْ أُفْتِيَ عَلَيَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا لَمَا سَاغَ نَقْضُ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ) هُوَ (الْأَوَّلُ) أَيْ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي لِمَالِكٍ أَيْضًا، رَوَاهُ عَنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، إنْ قُلْت إنَّ الْمُقَابِلَ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ عُمِلَ بِهِ وَقَدْ تَكَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَا بِهِ الْعَمَلُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، قُلْتُ مَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا عَنْ كَبِيرِ خش إذَا كَانَ الْعَمَلُ عَامًّا لَا كَعَمَلِ بَلْدَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَذُكِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَنَى عُمِلَ لِلْمَجْهُولِ مُبَالَغَةً فِي ضَعْفِهِ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ مَعَهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِيَ ضَرَرَ نَقْصِ الثَّمَنِ فَلِذَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ شُفْعَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَيْعَ لَا يُجْبَرُ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ (قَوْلُهُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْتِفْ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ فِيهِ لِعَدَمِ جَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ فَلِذَا شُرِعَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ الشُّفْعَةُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ) أَيْ، أَوْ ضَرَرُ الْمُقَاسَمَةِ بِنَاءً عَلَى عُمُومِهَا لِمَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرِهِ، أَوْ خُصُوصِهَا بِالْمُنْقَسِمِ (قَوْلُهُ، وَالضَّرَرُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَا وَقَوْلُهُ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالتَّعْلِيلُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ عج وبن وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّنَا إنْ قُلْنَا إنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُقَاسَمَةِ خُصَّتْ بِمَا يَنْقَسِمُ إذْ لَا يُجَابُ لِقِسْمَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا سَبَبُهَا دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَمَّتْ مَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ) أَرَادَ بِالثَّمَنِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ نُقِدَ خِلَافُهُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ مَا نَقَدَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ عَقَدَ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ خش اهـ.
شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) أَيْ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا مَعْلُومًا وَوَجَدَاهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ) أَيْ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ بَابُهُ الْمِثْلُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُهُ) أَيْ بِدَيْنٍ إلَّا مَعَ رَهْنٍ إلَخْ