مِنْهُ (غَاصِبَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِغَيْرِ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ (وَغَيْرِ مَحَلِّهِ) يَعْنِي وَفِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ فَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ فِي الْأَوَّلِ، وَالظَّرْفِيَّةِ فِي الثَّانِي (فَلَهُ تَضْمِينُهُ) قِيمَتَهُ ثَمَّ، وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الذَّهَابَ مَعَهُ لِمَحَلِّ الْغَصْبِ هُوَ، أَوْ وَكِيلُهُ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ لِمَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ.
(وَ) إنْ وَجَدَهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَ (مَعَهُ) الْمُقَوَّمُ الْمَغْصُوبُ (أَخَذَهُ) رَبُّهُ (إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ) ، وَإِلَّا خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِلَا أُجْرَةِ حَمْلٍ، وَتَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ، بِأَنَّ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ صَيَّرَتْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فِي الْجُمْلَةِ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ مَاتَ قَوْلُهُ (لَا إنْ هُزِلَتْ) بِكَسْرِ الزَّايِ مَعَ ضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا (جَارِيَةٌ) أَيْ فَلَا تَفُوتُ بِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ، بَلْ يَأْخُذُهَا رَبُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ لَهَا السِّمَنُ.
(أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ) ، أَوْ جَارِيَةٌ (صَنْعَةً) عِنْدَ الْغَاصِبِ (ثُمَّ عَادَ) لِمَعْرِفَتِهَا فَلَا يَفُوتُ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَاتَ (أَوْ خَصَاهُ) أَيْ خَصَى الْغَاصِبُ الْعَبْدَ (فَلَمْ يَنْقُصْ) عَنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ نَقَصَ خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ، وَأَخْذِهِ مَعَ أَرْشٍ لِنَقْصٍ (أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ) ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ يَجُوزُ فِيهِ الْجُلُوسُ مَعَهُ فَقَامَ رَبُّ الثَّوْبِ فَانْقَطَعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ عَلَى نَعْلِ غَيْرِهِ فَمَشَى صَاحِبُهَا فَانْقَطَعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ دَلَّ لِصًّا) ، أَوْ ظَالِمًا عَلَى شَيْءٍ فَأَخَذَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الدَّالِّ، وَالْمُعْتَمَدُ الضَّمَانُ، بَلْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ صُحِّحَ عَدَمُ التَّعْبِيرِ بِالتَّأْوِيلَيْنِ لَا يُصَحَّحُ تَعْبِيرُهُ بِالتَّرَدُّدِ إذْ لَا يُوَافِقُ اصْطِلَاحَهُ قُلْت يَتَكَلَّفُ بِجَعْلِهِ مُوَافِقًا لِاصْطِلَاحِهِ بِجَعْلِ أَنَّ مَنْ فَهِمَ فَهْمًا كَأَنَّهُ نَاقِلٌ لَهُ عَنْ صَاحِبِ الْكَلَامِ الْمَفْهُومِ فَهُوَ مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ أَيْ مُلْتَبِسًا بِغَيْرِ الشَّيْءِ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ، بَلْ مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِدُونِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ بِغَيْرِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِغَيْرِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُصَاحِبٌ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَجَدَ الْغَاصِبَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ وَلَيْسَ مَعَهُ الْمَغْصُوبُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَلَهُ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ) هَذَا فِي الْمُقَوَّمِ وَكَذَا فِي الْمِثْلِيِّ الَّذِي هُوَ جُزَافٌ؛ لِأَنَّهُ يُقْضَى بِقِيمَتِهِ لَا بِمِثْلِهِ وَكَذَا فِي الْمِثْلِيِّ إذَا عُلِمَ قَدْرُهُ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ لِبَلَدِ الْغَصْبِ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا اُنْظُرْ كَلَامَ الْبُرْزُلِيِّ فِي ح اهـ.
بْن (قَوْلُهُ هُوَ، أَوْ وَكِيلُهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُسَلِّمَهُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الَّذِي يُغْرَمُ فِي الْمِثْلِيِّ هُوَ الْمِثْلُ وَرُبَّمَا كَانَ يَزِيدُ ثَمَنُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَاَلَّذِي يُغْرَمُ فِي الْمُقَوَّمِ هُوَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي مَحَلِّهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِهَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ فِيهَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ) الصَّوَابُ أَنَّ ضَمِيرَ لَمْ يَحْتَجْ رَاجِعٌ لِلْمَغْصُوبِ لَا لِرَبِّهِ كَمَا فِي عبق أَيْ أَخَذَهُ تَعْيِينًا إنْ لَمْ يَحْتَجْ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ لِكَبِيرِ حَمْلٍ بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا، أَوْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَإِنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا، أَوْ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ فَلَا يَتَعَيَّنُ أَخْذُهُ، بَلْ يُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي تَرْكِهِ لِلْغَاصِبِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ بِلَا أُجْرَةِ الْحَمْلِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّ النَّقْلَ فِي الْعُرُوضِ وَعَلِيِّ الرَّقِيقِ فَوْتٌ، لَا فِي الْوَخْشِ وَالْحَيَوَانِ، خِلَافًا لِأَصْبَغَ حَيْثُ قَالَ إنَّ نَقْلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ بَلَدٍ لِأُخْرَى فَوْتٌ مُطْلَقًا أَيْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ أَوْ لَا، فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ وَخِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ إنَّ نَقْلَ الْمَغْصُوبِ لِبَلَدٍ أُخْرَى غَيْرُ فَوْتٍ مُطْلَقًا فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ فَافْهَمْ ذَلِكَ وَلَا تَنْظُرْ لِغَيْرِهِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ لَهَا السِّمَنُ) أَيْ عِنْدَ الْغَاصِبِ بَعْدَ الْهُزَالِ.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ ثَمَنِهِ) أَيْ وَكَذَا لَوْ زَادَ ثَمَنُهُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَ خُيِّرَ رَبُّهُ) أَيْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ زَادَ ثَمَنُهُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ الْخِصَاءَ نَقْصٌ عِنْدَ الْأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الَّذِينَ لَا رَغْبَةَ لَهُمْ فِي الْخِصَاءِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ وَاسْتَحْسَنَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَاصِيًا بِهَا كَتَنَفُّلِ كُلٍّ، وَالْحَالُ أَنَّ عَلَيْهِ فَرِيضَةً ذَاكِرًا لَهَا، أَوْ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، أَوْ عِنْدَ غُرُوبِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ يَجُوزُ فِيهِ الْجُلُوسُ مَعَهُ، خَرَجَ الْمَجَالِسُ الْمُحَرَّمَةُ، وَالْمَكْرُوهَةُ فَيَضْمَنُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَجَالِسِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ إلَخْ) مِثْلُ وَطْءِ النَّعْلِ قَطْعُ حَامِلِ حَطَبٍ ثِيَابَ مَارٍّ بِطَرِيقٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَضْمَنُ الْخِيَاطَةَ، وَأَرْشَ النَّقْصِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِنْذَارِ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ مَعَهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ أَسْنَدَ جَرَّةَ زَيْتٍ مَثَلًا لِبَابِ رَجُلٍ فَفُتِحَ الْبَابُ فَانْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ فَقِيلَ يَضْمَنُهَا فَاتِحُ الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ، وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ.
وَقِيلَ يَضْمَنُهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ شَأْنُ الْبَابِ الْفَتْحَ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُهَا كَمَنْ أَحْرَقَ فُرْنُهُ دَارَ جَارِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) كَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى عبق أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَقْطُوعَةِ مَعَ أَرْشِ الْأُخْرَى وَلَكِنَّ الْمَأْخُوذَ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ فِي رَفْوِ الثَّوْبِ أَنَّهُ يَضْمَنُ خِيَاطَةَ الْمَقْطُوعَةِ، وَأَرْشَ الْأُخْرَى، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّعْلِ، وَالصَّلَاةِ أَنَّ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا يُطْلَبُ فِيهَا الِاجْتِمَاعُ دُونَ الطُّرُقِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي مُزَاحَمَةِ غَيْرِهِ، كَذَا قِيلَ، قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَسْوَاقَ مَظِنَّةُ الْمُزَاحَمَةِ وَصُرِّحَ فِي حَاشِيَةِ خش أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ النَّعْلِ عَدَمُ الضَّمَانِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الثَّوْبِ، وَهِيَ عُمُومُ الْبَلْوَى مَوْجُودَةٌ فِي النَّعْلِ وَكَذَا هُوَ فِي شب (قَوْلُهُ، أَوْ ظَالِمًا) أَيْ غَاصِبًا، أَوْ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الدَّالِّ) هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ اهـ.
بْن