الْمَغْصُوبَةَ فَهَلَكَتْ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَرْكَبْ (أَوْ ذَبَحَ) الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ فَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً (أَوْ جَحَدَ) مُودَعٍ (وَدِيعَةً) ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، ثُمَّ هَلَكَتْ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ بِجَحْدِهَا صَارَ كَالْغَاصِبِ (أَوْ أَكَلَ) شَخْصٌ طَعَامًا مَغْصُوبًا (بِلَا عِلْمٍ) مِنْهُ بِأَنَّ الطَّعَامَ مَغْصُوبٌ وَبُدِئَ بِالْغَاصِبِ فَإِنْ أَعْسَرَ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَعَلَى الْآكِلِ بِقَدْرِ أَكْلِهِ، أَوْ مَا وُهِبَ لَهُ فَإِنْ أَعْسَرَ اتَّبَعَ أَوَّلَهُمَا يُسْرًا وَمَنْ أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ.
وَأَمَّا بِعِلْمٍ فَهُوَ، وَالْغَاصِبُ سَوَاءٌ (أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ) فَإِنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ يَضْمَنُ لَكِنْ يُبْدَأُ بِالْمُبَاشِرِ لِلتَّلَفِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَكَذَا مَنْ أَغْرَى ظَالِمًا عَلَى مَالٍ لَا يُتْبَعُ الْمُغْرِي بِالْكَسْرِ إلَّا بَعْدَ تَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُغْرَى بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ وَمَفْهُومٌ عَلَى التَّلَفِ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ فَأَتَى لَهُ بِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ (أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا) بِأَنْ حَفَرَهَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، أَوْ فِي طَرِيقِ النَّاسِ فَتَرَدَّى فِيهَا شَيْءٌ ضَمِنَ.
وَأَمَّا بِمِلْكِهِ بِغَيْرِ قَصْدِ ضَرَرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَقُدِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَافِرِ لَهَا فِي الضَّمَانِ (الْمُرْدِي) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَالْحَافِرُ مُتَسَبِّبٌ، وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ فِي الضَّمَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ (إلَّا) أَنْ يَحْفِرَهَا (لِمُعَيَّنٍ) فَرَدَّاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْغَصْبِ وَقُتِلَ بِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّوَادِرِ وَقَرَّرَ بِهِ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَتَوَقُّفُ عبق تَبَعًا لعج، وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فِي الْقَتْلِ السَّابِقِ عَلَى الْغَصْبِ إذَا قُتِلَ بِسَبَبِهِ بَعْدَ الْغَصْبِ هَلْ يَكُونُ مُوجِبًا لِضَمَانِهِ، أَوْ لَا؟ قُصُورٌ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَرْكَبْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ وَضْعِ الْيَدِ يُوجِبُ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ، أَوْ ذَبَحَ) أَيْ أَنَّهُ إذَا غَصَبَ دَابَّةً، وَذَبَحَهَا لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ بِمُجَرَّدِ الذَّبْحِ وَصَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْغَاصِبِ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الذَّبْحَ لَيْسَ بِمُفِيتٍ وَلِرَبِّهَا الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا، وَأَخْذِهَا مَذْبُوحَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ مَعَهَا مَا نَقَصَهُ الذَّبْحُ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى.
وَقِيلَ إنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا، وَأَخْذِهَا مَذْبُوحَةً مَعَ مَا نَقَصَهُ الذَّبْحُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ، وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الذَّبْحُ مُفِيتًا لِلدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ عَدَّهُ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْجَلَّابِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِمَّا يَذْبَحُهُ الْقَصَّابُ وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ (فَرْعٌ) لَا شَيْءَ عَلَى مُجْتَهِدٍ أَتْلَفَ شَيْئًا بِفَتْوَاهُ وَضَمِنَ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ إنْ نَصَّبَهُ السُّلْطَانُ، أَوْ نَائِبُهُ لِلْفَتْوَى؛ لِأَنَّهَا كَوَظِيفَةِ عَمَلٍ قَصَّرَ فِيهَا، وَإِلَّا يَكُنْ مُنْتَصِبًا لِلْفَتْوَى، وَهُوَ مُقَلِّدٌ فَفِي ضَمَانِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ هَلْ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَمْ لَا؟ ، وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَصَّرَ فِي مُرَاجَعَةِ النُّقُولِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ صَادَفَ خَطَؤُهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ مَقْدُورِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ.
(قَوْلُهُ، ثُمَّ هَلَكَتْ) أَيْ عِنْدَهُ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِجَحْدِهَا إلَخْ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ، أَوْ أَكَلَ شَخْصٌ طَعَامًا مَغْصُوبًا) أَيْ أَهْدَاهُ لَهُ الْغَاصِبُ، أَوْ أَكَّلَهُ ضِيَافَةً عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالْغَاصِبِ) أَيْ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْآكِلُ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ لَكِنْ يُبْدَأُ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا بِعِلْمٍ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا أَكَلَ الشَّخْصُ طَعَامًا مَغْصُوبًا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ، وَالْغَاصِبُ سَوَاءٌ) فَلَا يُبْدَأُ بِوَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ، بَلْ يَغْرَمُ الْآكِلُ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ وَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُبْدَأُ إلَخْ) .
الْحَاصِلُ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مَعًا هَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ، وَهَذَا لِتَسَبُّبِهِ لَكِنَّ الْمُبَاشِرَ يُقَدَّمُ فِي الْغُرْمِ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ فَلَا يَتْبَعُ الْمُتَسَبِّبَ إلَّا إذَا أُعْدِمَ الْمُبَاشِرُ وَكُلُّ مَنْ غَرِمَ شَيْئًا مِنْهُمَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ، هَذَا هُوَ الَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالتَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَبِهِ قَرَّرَ ح وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ فَحَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ فَقَطْ لَيْسَ بِصَوَابٍ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ فَأَتَى لَهُ بِهِ) أَيْ، ثُمَّ أَتْلَفَهُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ فَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا أُخِذَ مِنْهُ الْجَمِيعُ وَمَنْ غَرِمَ شَيْئًا رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ وَفَرَّقَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ قَدْ وَقَعَ مِنْ كُلِّ مِنْهُمَا مُبَاشَرَةٌ بِخِلَافِ الْأُولَى فَلَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إلَّا الْإِكْرَاهُ فَلِذَلِكَ قُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُبَاشِرُ اهـ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ فِي طَرِيقِ النَّاسِ) أَيْ، أَوْ بِلَصْقِهَا بِلَا حَائِلٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِمِلْكِهِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ أَيْ، أَوْ بِأَرْضٍ مَوَاتٍ فَتَرَدَّى فِيهَا شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ إذَا كَانَ حَفَرَهَا بِغَيْرِ قَصْدِ ضَرَرٍ أَمَّا لَوْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ بِقَصْدِ ضَرَرٍ كَوُقُوعِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ وُقُوعِ سَارِقٍ، أَوْ وُقُوعِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ هَلَاكَهُ فَقَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا حَيَوَانٌ، أَوْ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ، وَالسَّارِقِ وَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَافِرِ الْمُتَعَدِّي الْمُرْدِي بِمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَحْدَهُ دُونَ الْحَافِرِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَصْلًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْدِي مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ لَفْظُ قُدِّمَ مِنْ أَنَّهُ إنْ أُعْدِمَ الْمُرْدِي ضَمِنَ الْحَافِرُ فَلَيْسَ الْحَافِرُ كَالْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ تَسَبُّبَ الْحَافِرِ أَضْعَفُ مِنْ تَسَبُّبِ الْمُكْرِهِ