وَقِيلَ لَا.
(وَضَمِنَ) الْغَاصِبُ الْمُمَيِّزُ (بِالِاسْتِيلَاءِ) عَلَى الْمَغْصُوبِ عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ بِمُجَرَّدِهِ إلَى أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَهُ لَا يَوْمَ حُصُولِ الْمُفَوَّتِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي ضَمَانِ الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ وَسَيَأْتِي لَهُ الْكَلَامُ عَلَى غَاصِبِ الْمَنْفَعَةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا، بَلْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَكَذَا الْجَانِي عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالِ الْغَيْرِ الْمُمَيَّزِ (فَتَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى تَحْكِي الْخِلَافَ فِيمَا يَضْمَنُهُ هَلْ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي مَالِهِ، وَالدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَتِهِ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوَّلًا يَضْمَنُ الْمَالَ، بَلْ الدِّيَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا يَضْمَنُ مَالًا وَلَا دِيَةَ، بَلْ فِعْلُهُ هَدَرٌ كَالْعَجْمَاءِ،، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي حَدِّ السِّنِّ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيلَ سَنَةٌ وَقِيلَ سَنَتَانِ وَقِيلَ سَنَةٌ وَنِصْفٌ وَقِيلَ شَهْرَانِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ إلَّا ابْنُ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَالْعَجْمَاءِ وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنَّ مَعْنَاهُ، وَإِلَّا يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ غَصْبٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَجْنُونَ الْمُطْبَقَ، وَهُوَ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْغَصْبُ خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَهُ عَلَى الصَّبِيِّ فَاعْتُرِضَ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الصَّبِيَّ الْغَيْرَ الْمُمَيِّزِ، وَالْمَجْنُونَ يَضْمَنَانِ الْمَالَ فِي مَالِهِمَا، وَالدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِمَا، وَأَنَّ التَّمْيِيزَ لَا يُحَدُّ بِسِنٍّ فَقَدْ يَكُونُ ابْنَ سَنَةٍ وَقَدْ يَكُونُ ابْنَ أَكْثَرَ وَمَحَلُّ الْمُمَيِّزِ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ عَلَى مَالٍ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ وَسَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ أَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ.
، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ مَاتَ) الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ إلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ كَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ قَبْلَ سُكْنَاهَا (أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ) مَغْصُوبٌ (قِصَاصًا) إنْ جَنَى بَعْدَ الْغَصْبِ، أَوْ لِحِرَابَتِهِ، أَوْ ارْتِدَادِهِ (أَوْ رَكِبَ) الدَّابَّةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) أَيْ وَقِيلَ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، بَلْ إنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ غَرِمَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَظْهَرُ لِقَاعِدَةِ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَالْغَصْبُ مِنْ بَابِ التَّجْرِيحِ، وَهُوَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ الْمُمَيِّزُ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَقَوْلُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَيْ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ وَلَمْ نَقُلْ أَيْ ضَمِنَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ إلَّا إذَا حَصَلَ مَفُوتٌ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْعَقَارِ لَا يَتَقَرَّرُ فِيهِ الضَّمَانُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ، بَلْ حَتَّى يُنْقَلَ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ وَسَلَّمَهُ شَارِحُوهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مُجَرَّدُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ يُوجِبُ ضَمَانَهُ قَطْعًا كَانَ عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ فَائِدَةَ تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِهِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ يَوْمَهُ إذَا حَصَلَ مَفُوتٌ لَا يَوْمَ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي لَهُ الْكَلَامُ عَلَى غَاصِبِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِمُجَرَّدِ فَوَاتِهَا عَلَى رَبِّهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَاصِبَ الذَّاتِ يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُهَا مِنْ يَوْمِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا وَيَضْمَنُ غَلَّةَ تِلْكَ الذَّاتِ مِنْ يَوْمِ اسْتِعْمَالِهَا، وَأَمَّا الْمُتَعَدِّي، وَهُوَ غَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ فَيَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ بِمُجَرَّدِ فَوَاتِهَا عَلَى رَبِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ إلَّا غَاصِبَ الْبُضْعِ لِأَجْلِ وَطْئِهِ، وَالْحُرَّ لِأَجْلِ اسْتِخْدَامِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِعْمَالِ فَإِذَا وَطِئَ وَاسْتَخْدَمَ غَرِمَ صَدَاقَ الْأَوَّلِ وَأُجْرَةَ الثَّانِي، وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى تَحْكِي الْخِلَافَ) أَيْ تَحْكِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِيمَا يَضْمَنُهُ وَمَا لَا يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ أَوَّلًا يَضْمَنُ الْمَالَ إلَخْ) أَيْ فَفِعْلُهُ بِالنِّسْبَةِ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ.
وَأَمَّا الدِّيَةُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ (قَوْلُهُ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي حَدِّ السِّنِّ) أَيْ فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تَجْزِمُ بِضَمَانِهِ الْمَالَ، وَالدِّيَةَ وَلَكِنْ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي حَدِّ أَقَلِّ السِّنِّ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَقِيلَ سَنَةٌ) فَإِنْ كَانَ عُمْرُهُ أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَنَتَانِ) فَإِنْ كَانَ عُمْرُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَنَةٌ وَنِصْفٌ) فَإِنْ كَانَ عُمْرُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَتَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ يَشْمَلُ إلَخْ، عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْغَصْبُ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ قَهْرًا مِمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ، أَوْ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ، أَوْ يُتْلِفُهُ اهـ.
شب (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَهُ عَلَى الصَّبِيِّ إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّرِيقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ إنَّمَا تَتَأَتَّيَانِ فِي الصَّغِيرِ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ إلَّا الطَّرِيقَةُ الْأُولَى، فَالْأَوْلَى قَصْرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ الْغَيْرَ الْمُمَيِّزِ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْغَصْبُ كَمَا عَلِمْتَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالتَّرَدُّدُ ضَعِيفٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا يَضْمَنُهُ، أَوْ فِي السِّنِّ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ جَعْلُ التَّرَدُّدِ فِي مَوْضُوعٍ مُتَعَدِّدٍ فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَحْسَنَ اهـ.
عبق وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي حَكَتْهَا الطَّرِيقَةُ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَقَدْ يَكُونُ) أَيْ الْمُمَيِّزُ الْمَفْهُومُ مِنْ التَّمْيِيزِ ابْنَ سَنَةٍ وَقَدْ يَكُونُ ابْنَ أَكْثَرَ فَالْمَدَارُ فِي التَّمْيِيزِ عَلَى فَهْمِ الْخِطَابِ وَحُسْنِ الْجَوَابِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْمُمَيِّزِ) الْأَوْلَى وَمَحَلُّ ضَمَانِ الصَّغِيرِ لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ مُمَيِّزًا، أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ، وَأَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ) أَيْ فَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَ ثُلُثَ دِيَتِهِ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ مَاتَ) تَشْبِيهٌ فِي الضَّمَانِ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَقَتَلَ شَخْصًا بَعْدَ غَصْبِهِ فَقُتِلَ بِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْقَتْلُ سَابِقًا