الْأَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ لِمَنْ يُعَمِّرُ، وَقِيلَ بِقَدْرِ مَا يُعَمِّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْجَبْرِيَّ إنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ لِتَقْلِيلِ الشُّرَكَاءِ الْأَخَفُّ فِي الضَّرَرِ وَالْمُرَادُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ إنْ أَبَى التَّعْمِيرَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي أَوَّلًا بِالتَّعْمِيرِ، فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْبِئْرُ وَالْعَيْنُ، فَإِنَّ مَنْ أَبَى الْعِمَارَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ بَلْ يُقَالُ لِطَالِبِهَا عَمِّرْ إنْ شِئْت وَلَك مَا حَصَلَ مِنْ الْمَاءِ بِعِمَارَتِك إلَى أَنْ تَسْتَوْفِيَ قَدْرَ مَا أَنْفَقْت مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الشَّرِيكُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّفَقَةِ.
وَأَمَّا مَا يَنْقَسِمُ فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْقِسْمَةِ (كَذِي سُفْلٍ) أَيْ كَمَا يُقْضَى عَلَى ذِي سُفْلٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى بِالنِّسْبَةِ لِأَسْفَلَ مِنْهُ إذْ قَدْ يَكُونُ الرُّبْعُ طِبَاقًا مُتَعَدِّدَةً بِأَنْ يُعَمِّرَ أَوْ يَبِيعَ لِمَنْ يُعَمِّرُ وَسَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِلْكًا أَوْ وَقْفًا أَوْ أَحَدُهُمَا مِلْكًا وَالْآخَرُ وَقْفًا لَكِنَّ مَحَلَّ بَيْعِ الْوَقْفِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيعٌ يُعَمِّرُ مِنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْ اسْتِئْجَارٌ بِمَا يُعَمَّرُ بِهِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اُسْتُثْنِيَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْوَقْفِ (إنْ وَهَى) الْأَسْفَلُ أَيْ ضَعُفَ ضَعْفًا شَدِيدًا عَنْ حَمْلِ الْعُلُوِّ، فَإِنْ سَقَطَ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ أُجْبِرَ رَبُّ الْأَسْفَلِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي لِيَبْنِيَ رَبُّ الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَنْقَسِمُ بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ وَقْفٌ وَأَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ النَّاظِرُ التَّعْمِيرَ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُبَاعُ وَيُعَمِّرُهُ طَالِبُ الْعِمَارَةِ وَيَسْتَوْفِي مَا صَرَفَهُ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِصْلَاحِ لَا جَمِيعِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ كَذَا فِي عبق وَكَتَبَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ بِطُرَّتِهِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُبَاعُ الْكُلُّ وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ الْبَعْضِ يَكْفِي فِي الْعِمَارَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِتَكْثِيرِ الشُّرَكَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْوَانُّوغِيُّ اهـ. نَعَمْ مَحَلُّ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ رِيعٌ يُعَمَّرُ مِنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ سِنِينَ وَيَدْفَعُ الْأُجْرَةَ مُعَجَّلَةً يُعَمِّرُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُبَاعُ.
(قَوْلُهُ لِمَنْ يُعَمِّرُ) أَيْ لِشَخْصٍ آخَرَ يُعَمِّرُ، فَإِنْ أَبَى الشَّرِيكُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُعَمِّرَ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا قُضِيَ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِقَدْرِ) أَيْ وَقِيلَ يَبِيعُ الْقَاضِي مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُعَمِّرُ مَا أَبْقَاهُ مِنْ حَظِّهِ.
(قَوْلُهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَهِيَ تَرْتَفِعُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ الْأَخَفُّ) أَيْ الَّذِي وَهُوَ أَخَفُّ فِي الضَّرَرِ مِنْ كَثْرَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لَلشَّرِيك الْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّعْمِيرِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ حَكَمْت عَلَيْك أَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تَبِيعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بِمُعَيَّنٍ وَهُوَ إذَا قَالَ لَهُ: حَكَمْت عَلَيْك أَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تَبِيعَ لَمْ يَكُنْ الْمَحْكُومُ بِهِ مُعَيَّنًا بَلْ الْحَاكِمُ يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالْعِمَارَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: عَمِّرْ، فَإِنْ امْتَنَعَ قَالَ لَهُ: حَكَمْت عَلَيْك بِالْبَيْعِ وَيُجْبِرُهُ عَلَيْهِ فَالْقَضَاءُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ وَالْمُتَعَلِّقُ بِالْعِمَارَةِ الْأَمْرُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَضَاءَ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ وَفِي مَجَازِهِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْمِيرِ فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَتْ لِلتَّرْدِيدِ فِي الْحُكْمِ بَلْ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ تَنْوِيعِ حَالَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَالثَّانِيَةُ بِقَضَاءٍ، وَلَا يَتَوَلَّى الْقَاضِي الْبَيْعَ بَعْدَ حُكْمِهِ بَلْ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ الشَّرِيكُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْآبِيَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ التَّعْمِيرُ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُجْبِرَ عَلَى الْعِمَارَةِ مِنْهُ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ.
وَانْظُرْ إذَا جَبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيْعِ هَلْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي أَرَادَ الْعِمَارَةَ أَخْذُهُ بِمَا وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إخْرَاجَ شَرِيكِهِ أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَنْ يُفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ ذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُ وَمَنْ لَا يَفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ الْآبِيَ بِالتَّعْمِيرِ، فَإِنْ امْتَنَعَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ لِجَمِيعِ حِصَّتِهِ وَيُجْبِرُهُ عَلَيْهِ، أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ لَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا دَعَا أَحَدٌ شَرِيكَهُ مَا لَا يَنْقَسِمُ صَاحَبَهُ لِإِصْلَاحِهِ أُمِرَ بِهِ، فَإِنْ أَبَى فَفِي جَبْرِهِ عَلَى بَيْعِهِ مِمَّنْ يُصْلِحُ أَوْ يَبِيعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ حَظِّهِ بِقَدْرِ مَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَمَلِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ حَظِّهِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مَلِيًّا جَبَرَهُ عَلَى الْإِصْلَاحِ وَإِلَّا فَلَا الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَسَحْنُونٍ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ مَنْ أَبَى الْعِمَارَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ أَمْ لَا وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ أَبَى الْعِمَارَةَ إنْ كَانَ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَجَّحَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ مَا حَصَلَ مِنْ الْمَاءِ بِعِمَارَتِك) وَهُوَ إمَّا كُلُّ الْمَاءِ إنْ كَانَ التَّخْرِيبُ أَذْهَبَ كُلَّ الْمَاءِ وَحَصَلَ الْمَاءُ بِالتَّعْمِيرِ أَوْ مَا زَادَ مِنْهُ بِالْعِمَارَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ (قَوْلُهُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَكَذَا مَا قَبْلَهَا مِمَّا اسْتَثْنَى إلَخْ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْوَقْفِ خَمْسُ مَسَائِلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَبَيْعُ الْعَقَارِ الْوَقْفِ لِتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ وَالْمَقْبَرَةِ إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً لِتَوْسِيعِ مَا ذُكِرَ وَكَانَ التَّوْسِيعُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ لِكَوْنِهِ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَسْفَلِ) أَيْ الْوَاهِي وَقَوْلُهُ أُجْبِرَ رَبُّ الْأَسْفَلِ عَلَى الْبِنَاءِ