عَلَى اشْتِرَاءِ شَيْءٍ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِمَا عَلَى أَنَّ كُلًّا حَمِيلٌ عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ يَبِيعَانِهِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الرِّبْحِ فَبَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَحَمَّلْ عَنِّي وَأَتَحَمَّلُ عَنْك وَهُوَ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ، وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك وَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، فَإِنْ دَخَلَا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَتَسَاوَيَا فِي التَّحَمُّلِ جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ بَيْنَهُمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ بَيْنَهُمَا) إذَا وَقَعَ عَلَى مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ مِنْ تَسَاوٍ أَوْ غَيْرِهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (وَكَبَيْعِ وَجِيهٍ) يَرْغَبُ النَّاسُ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُ (مَالَ) شَخْصٍ (خَامِلٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ) فَفَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ وَلِلْغَرَرِ بِالتَّدْلِيسِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ ثَانٍ لِشِرْكَةِ الذِّمَمِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَنَّ هَذِهِ شِرْكَةُ وُجُوهٍ لَا ذِمَمٍ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى بِاشْتِرَاكٍ (وَكَذِي رَحًا وَذِي بَيْتٍ وَذِي دَابَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِاشْتِرَاكٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَيْ وَفَسَدَتْ الشِّرْكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ بِاشْتِرَاكِهِمَا وَبِمِثْلِ بَيْعِ وَجِيهٍ وَبِمِثْلِ ذِي رَحًا إلَخْ، وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ الْأُولَى وَجَعَلَهُ مُشَبَّهًا فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الْفَسَادِ كَانَ أَحْسَنَ.

(لِيَعْمَلُوا) أَيْ اشْتَرَكُوا فِي الْعَمَلِ بِأَيْدِيهِمْ وَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا (إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ كَانَ كِرَاءُ الرَّحَا فِي الْوَاقِعِ أَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ الْبَيْتِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ أَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَثَلًا فَلَوْ كَانَ كِرَاءُ كُلٍّ يُسَاوِي الْآخَرَ وَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَلَا فَسَادَ فَمَحَلُّ الْفَسَادِ إنْ كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ مُتَسَاوٍ (وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ) فَلَوْ أَخَذَ كُلٌّ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَالِهِ مِنْ الْكِرَاءِ فَلَا فَسَادَ أَيْضًا وَقَوْلُهُ (وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ) بَيَانٌ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ أَيْ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ فَاسِدًا فَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يَتَرَادُّونَ الْأَكْرِيَةَ بِأَنْ يَرُدَّ مَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِمُسْتَحِقِّهِ فَإِذَا كَانَتْ الرَّحَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَالْبَيْتُ اثْنَيْنِ وَالدَّابَّةُ وَاحِدًا مَثَلًا فَالْجُمْلَةُ سِتَّةٌ تَفُضُّ عَلَيْهَا الْغَلَّةُ، فَإِذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ ثَلَاثِينَ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةً رَجَعَ صَاحِبُ الرَّحَا عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ بِخَمْسَةٍ يَصِيرُ الْحُكْمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى مُقْتَضَى هَذِهِ الْقِسْمَةِ فَلِصَاحِبِ الرَّحَا فِي الْمِثَالِ النِّصْفُ وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ الثُّلُثُ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ السُّدُسُ.

(وَإِنْ اُشْتُرِطَ) فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ (عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ) مَثَلًا وَعَمِلَ (فَالْغَلَّةُ) كُلُّهَا (لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ كَأَنَّهُ رَأْسُ الْمَالِ (وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُمَا) أَيْ كِرَاءُ الْمِثْلِ لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ غَلَّةً؛ لِأَنَّ مَنْ اكْتَرَى شَيْئًا فَاسِدًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ (وَقُضِيَ عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) كَحَمَّامٍ وَفُرْنٍ وَحَانُوتٍ وَبُرْجٍ أَبَى أَنْ يُعَمِّرَ مَعَ شَرِيكِهِ (أَنْ يُعَمِّرَ) مَعَهُ (أَوْ يَبِيعَ) مِنْهُ جَمِيعَ حِصَّتِهِ وَلَوْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَبَيْنَهُمَا) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمَنْعِ مِنْ تَعَاقُدِهِمَا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَاشْتِرَاطِ تَحَمُّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا عَلَى الْآخَرِ فَمَتَى تَعَاقَدَا عَلَى ذَلِكَ كَانَتْ فَاسِدَةً وَسَوَاءٌ اشْتَرَيَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك) يَعْنِي أَنَّهُ يُحْتَمَلُ إسْلَافُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ إنْ دَفَعَ الْكُلَّ فَقَوْلُهُ مِنْ بَابِ تَحَمَّلْ عَنِّي إلَخْ أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَوَّلِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُ وَأَسْلَفَنِي إلَخْ أَيْ فِي آخِرَةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ لِعَمَلِ الْمَاضِينَ مِنْ السَّلَفِ، وَإِنْ كَانَ عِلَّةُ الْمَنْعِ وَهِيَ الضَّمَانُ بِجَعْلٍ وَالسَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ مَوْجُودَةٍ.

(قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمَا يَكُونَانِ مُشْتَرِكَيْنِ فِيهِ عَلَى مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ مِنْ تَسَاوٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْبَيْنِيَّةِ وَهِيَ التَّسَاوِي وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إذَا وَقَعَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مُحْتَمِلًا لِذَلِكَ إلَّا أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ عَقْدَةَ الشِّرْكَةِ تَسْتَلْزِمُ كَوْنَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ فَالْمُحْتَاجُ لِبَيَانِهِ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ شِرْكَةَ الذِّمَمِ فَاسِدَةٌ وَإِذَا وَقَعَ كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي اُشْتُرِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ فِي الشِّرْكَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَيَاهُ مَعًا أَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِاشْتِرَاكِهِمَا فَإِنَّهُ يَطْلُبُ مُتَوَلِّي الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ، وَإِنْ عَلِمَ بِاشْتِرَاكِهِمَا، فَإِنْ جَهِلَ فَسَادَهَا فَحُكْمُ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا مِنْ الضَّمَانِ كَحُكْمِ الضَّمَانِ الصَّحِيحِ فِي غَيْرِ هَذَا، فَإِنْ حَضَرَا مُوسِرَيْنِ لَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ، وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَهَا لَمْ يَأْخُذْ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ بِحَالٍ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعِلْمُهُ بِفَسَادِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِاشْتِرَاكِهِمَا كَجَهْلِهِ بِاشْتِرَاكِهِمَا اهـ خش.

(قَوْلُهُ خَامِلٌ) أَيْ سَاقِطٌ لَا الْتِفَاتَ لَهُ (قَوْلُهُ فَفَاسِدٌ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ كَانَ لِلْوَجِيهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْوَجِيهِ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَسُّكِ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَبَيْعٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ فَهُوَ مِثَالٌ ثَانٍ لِشِرْكَةِ الذِّمَمِ (قَوْلُهُ إنَّ هَذِهِ شِرْكَةُ وُجُوهٍ) أَيْ وَإِنَّ شِرْكَةَ الذِّمَمِ لَيْسَ لَهُمَا تَفْسِيرٌ إلَّا الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَيْ وَفَسَدَتْ الشِّرْكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ بِاشْتِرَاكِهَا إلَخْ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيٍّ فِي اشْتِرَاكِهَا أَيْ عِنْدَ تَحَقُّقِهَا فِي هَذَا الْفَرْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ الْأُولَى) أَيْ الدَّاخِلَةَ عَلَى كَبَيْعٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَذَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ وَأَخَذَ إلَخْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ مُتَسَاوٍ وَتَسَاوَيَا فِي الْغَلَّةِ كَانَتْ فَاسِدَةً، وَإِنْ تَسَاوَتْ الْأَكْرِيَةُ وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ أَيْضًا فَالْجَوَازُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَكْرِيَةُ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الْأَكْرِيَةِ فَالْجَوَازُ أَيْضًا وَالْمَوْضُوعُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى الْعَمَلِ بِأَيْدِيهِمْ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ عَمِلَ رَبُّ الْبَيْتِ أَوْ رَبُّ الرَّحَا وَإِنَّمَا خَصَّ رَبَّ الدَّابَّةِ بِالذِّكْرِ تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَقَارُ الَّذِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015