لِلرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْمَضْمُونُ فِيهِ بِقَوْلِهِ (بِدَيْنٍ لَازِمٍ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ عَبْدٍ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ (أَوْ آئِلٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى اللُّزُومِ بِهَمْزَتَيْنِ كَبَائِعٍ وَبَائِسٍ وَلَا تُبْدَلُ الثَّانِيَةُ يَاءً (لَا كِتَابَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَا آئِلَةٍ لِلُّزُومِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ عَجَزَ عَادَ رَقِيقًا وَالضَّامِنُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَضْمُونِ وَمَا لَا يَلْزَمُ الْأَصْلَ لَمْ يَلْزَمْ الْفَرْعَ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ أَوْ يَشْتَرِطَ عِتْقَهُ إذَا عَجَزَ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ (بَلْ كَجُعْلٍ) وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَيَصِحُّ كَأَنْ يَقُولَ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الشَّارِدِ مَثَلًا فَلَكَ دِينَارٌ وَضَمِنَ الْقَائِلَ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ جَاءَ الْمُجَاعَلُ بِهِ لَزِمَ الضَّامِنُ مَا تَحَمَّلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ لِآخَرَ إنْ ثَبَتَ حَقُّك عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَثَبَتَ (و) كَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ (دَايِنْ فُلَانًا) أَوْ بَايِعْهُ أَوْ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ

(وَلَزِمَ) الضَّمَانُ (فِيمَا ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (وَهَلْ يُقَيَّدُ) لُزُومُ الضَّمَانِ (بِمَا يُعَامَلُ) الْمَضْمُونُ (بِهِ) عَادَةً وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا أَشْبَهَ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ فَقَطْ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بَلْ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا كَانَ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ مَثَلًا أَوْ لَا (تَأْوِيلَانِ وَلَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ فِي مَسْأَلَةِ دَايِنْ فُلَانًا (الرُّجُوعُ) عَنْ الضَّمَانِ (قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ) لَا بَعْدَهَا فَإِنْ عَامَلَهُ فِي الْبَعْضِ لَزِمَ فِيمَا عَامَلَ بِهِ دُونَ مَا لَمْ يُعَامَلْ بِهِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا (بِخِلَافِ) قَوْلُهُ لِمُدَّعٍ عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ (احْلِفْ) بِأَنَّ لَك عَلَيْهِ مَا تَدَّعِيهِ (وَأَنَا ضَامِنٌ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَلَوْ قَبْلَ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْتِزَامِهِ صَارَ كَأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالضَّمَانِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى

. (قَوْلُهُ: لِلرُّكْنِ الثَّانِي) أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الضَّامِنُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ.

(قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِي دَيْنٍ لَا فِي مُعَيَّنٍ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ سِلْعَةً أَوْ أَخَذَ مِنْهُ وَدِيعَةً أَوْ مَالَ قِرَاضٍ أَوْ شَرِكَةً وَأَتَى لَهُ بِحَمِيلٍ عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ أَخَذَ ذَاتَهَا مِنْ الْحَمِيلِ لِاسْتِحَالَتِهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْحَمِيلُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْأَخْذِ بِسَبَبِ تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ مِنْ الْقِيمَةِ صَحَّ الضَّمَانُ وَلَزِمَ وَهُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ النَّاسُ كَمَا يَقَعُ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ ضَمَانِ بَعْضِ الدَّلَّالِينَ لِبَعْضٍ عَلَى أَنَّ الْمَضْمُونَ إنْ هَرَبَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ كَانَ عَلَى الضَّامِنِ قِيمَةُ مَا هَرَبَ بِهِ فَهَذَا صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ ضَمَانًا فِي الْأَمَانَاتِ صُورَةً.

(قَوْلُهُ كَبَائِعٍ) أَيْ فِي الْوَزْنِ لَا فِي أَنَّ فِي كُلٍّ هَمْزَتَيْنِ إذْ الْهَمْزَةُ فِي بَائِعٍ وَبَائِسٍ وَاحِدَةٌ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ عَادَ رَقِيقًا) أَيْ وَزَالَ الْقَدْرُ الْمَجْعُولُ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك نُجُومُ الْكِتَابَةِ فَأَتَى لَهُ بِحَمِيلٍ ضَمِنَهُ بِهَا فَذَلِكَ الضَّمَانُ جَائِزٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَرِطَ) أَيْ الضَّامِنُ عَلَى السَّيِّدِ عِتْقَهُ إنْ عَجَزَ كَأَنْ يَقُولَ إنْسَانٌ أَنَّا أَضْمَنُهُ فِي الْكِتَابَةِ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ إذَا عَجَزَ وَزَادَ فِي الشَّامِلِ صُورَةً ثَالِثَةً وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ الضَّامِنُ هُوَ عَلَيَّ إنْ عَجَزَ وَإِنَّمَا صَحَّ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ النَّجْمُ غَيْرَ لَازِمٍ لِقُرْبِ الْحُرِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ضَمَانُ الْمُجَاعِلِ بِالْكَسْرِ فِي الْأُجْرَةِ بَعْدَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي الْعَمَلِ بَلْ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ لِأَنَّ الْجُعَلَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَكِنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ وَلِذَا جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالًا لِلْآيِلِ.

(قَوْلُهُ: وَضَمِنَ الْقَائِلَ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ خَوْفًا مِنْ مُمَاطَلَةِ ذَلِكَ الْقَائِلِ أَوْ مِنْ عَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ جَاءَ الْمُجَاعِلُ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ دَايِنْ فُلَانًا) أَيْ وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ خَدِّمْ فُلَانًا عِنْدَك وَضَمَانُ مَا أَخَذَهُ مِنِّي أَيْ وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِأَهْلِ سُوقٍ اجْعَلُوا فُلَانًا عِنْدَكُمْ سِمْسَارًا وَكُلُّ مَا أَخَذَهُ يُسَمْسِرُ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنِّي.

(قَوْلُهُ: وَأَنَا ضَامِنٌ) أَيْ لِمَا تُدَايِنُهُ أَوْ لِوَجْهِهِ وَلَا بُدَّ فِي كَوْنِهِ ضَامِنًا مِنْ ذِكْرِ قَوْلِهِ وَأَنَا ضَامِنٌ وَإِلَّا كَانَ غَرَرًا قَوْلِيًّا لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ فَإِذَا قَالَ دَايِنْ فُلَانًا أَوْ بِعْ لَهُ أَوْ عَامِلْهُ وَلَا يَكُنْ فِي نَفْسِك شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ وَلَمْ يَقُلْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَائِلَ شَيْءٌ إذَا هَرَبَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَ أَوْ فَلِسَ

. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ) أَيْ أَنَّهُ دَايَنَهُ فِيهِ أَوْ عَامَلَهُ فِيهِ أَوْ بَاعَهُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا ثَبَتَ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ وَكَذَا بِإِقْرَارٍ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَلِيًّا أَوْ كَانَ مُعْدَمًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُعَامَلَ بِهِ فَقَطْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ عَامِلْ فُلَانًا وَضَمَانُهُ مِنِّي وَشَأْنُ فُلَانٍ أَنْ يُعَامَلَ فِي ثَلَاثَةٍ فَعَامَلَهُ فِي عَشَرَةٍ فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الْقَائِلُ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالثَّانِي نَسَبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ وَقَيَّدَ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ أَحْسَنَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ دَايِنْهُ أَوْ عَامِلْهُ بِمِائَةٍ أَوْ أَطْلَقَ أَيْ اتِّفَاقًا فِي الْأَخِيرِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَوَّلِ فَلَوْ رَجَعَ الضَّامِنُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَضْمُونُ لَهُ بِرُجُوعِهِ حَتَّى عَامَلَهُ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ مَا تَدَايَنَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَوْ يَلْزَمُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ فَلَا بُدَّ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ مِنْ عِلْمِ الْمَضْمُونِ لَهُ بِالرُّجُوعِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَامَلَهُ فِي الْبَعْضِ) أَيْ قَبْلَ رُجُوعِ الضَّامِنِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ كَمَا لَوْ قَالَ دَايِنْ فُلَانًا فِي مِائَةٍ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهَا فَدَفَعَ لَهُ خَمْسِينَ وَقَالَ الضَّامِنُ رَجَعْت عَنْ الضَّمَانِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا لِلْخَمْسِينَ الَّتِي قَبَضَهَا وَأَمَّا الَّتِي لَمْ يَقْبِضْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ لَوْ دَفَعَهَا لَهُ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الرُّجُوعِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا) أَيْ فَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ حُصُولِهَا أَوْ بَعْدَ حُصُولِ بَعْضِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015