تَوَثُّقًا بِالضَّامِنِ إذْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْبَيْعِ فَقَطْ (وَعَكْسُهُ) وَهُوَ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِرَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ أَجِّلْ مَدِينَك شَهْرًا وَأَنَا أَضْمَنُهُ لَك فَيَصِحُّ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ) أَيْ مَدِينُهُ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَكَأَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ ابْتَدَأَ سَلَفًا بِضَامِنٍ وَبِيُسْرِهِ لَمْ يَحْصُلْ بِالضَّامِنِ نَفْعٌ فَيَكُونُ التَّأْخِيرُ مَحْضَ سَلَفٍ وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ لَمْ يُوسِرْ) الْغَرِيمُ (فِي الْأَجَلِ) الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ بَلْ أَعْسَرَ وَاسْتَمَرَّ عُسْرُهُ إلَى انْقِضَائِهِ فَيَجُوزُ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَصَلَ نَفْعٌ بِالضَّمَانِ لَمْ يَحْصُلْ سَلَفٌ بِتَأْخِيرِهِ لِوُجُوبِ انْتِظَارِ الْمُعْسِرِ فَإِنْ لَمْ يُعْسِرْ فِي جَمِيعِهِ بَلْ أَيْسَرَ فِي أَثْنَائِهِ كَبَعْضِ أَصْحَابِ الْغَلَّاتِ وَالْوَظَائِفِ كَأَنْ يَضْمَنَهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَادَتُهُ الْيَسَارُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ ابْتِدَاءِ يَسَارِهِ يُعَدُّ فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسَلِّفًا لِقُدْرَةِ رَبِّ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ عِنْدَ الْيَسَارِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَرَقَّبَ كَالْمُحَقَّقِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ (و) صَحَّ الضَّمَانُ (بِالْمُوسِرِ) بِهِ فَقَطْ (أَوْ بِالْمُعْسِرِ) بِهِ فَقَطْ وَكَلَامُهُ فِي ضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا يَعْنِي إذَا كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ حَالًّا وَالْغَرِيمُ مُوسِرٌ بِبَعْضِهِ وَمُعْسِرٌ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ صَحَّ ضَمَانُهُ مُؤَجَّلًا بِهَذَا أَوْ هَذَا (لَا بِالْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً إذْ هُوَ سَلَفٌ لِلْمُوسِرِ بِهِ لِتَأْخِيرِهِ إيَّاهُ بِحَمِيلٍ بِهِ وَانْتَفَعَ بِالضَّامِنِ فِي الْمُعْسِرِ بِهِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ كَضَمَانِ الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ وَمِثْلُ ضَمَانِ الْجَمِيعِ ضَمَانُ الْبَعْضِ مِنْ كُلٍّ
وَأَشَارَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْتَفِعُ بِهَا وَإِنَّمَا تَوَثَّقَ وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِمُخَالِفَتِهِ لِلنَّقْلِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: تَوَثُّقًا) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ وَأَزِيدُك أَيْ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا لَكِنْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُمَاطِلَهُ أَوْ يَأْبَقَ بِالدَّيْنِ فَالضَّمَانُ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ.
(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ حَطَّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك مَوْجُودٌ فِي الْعَرَضِ وَالطَّعَامِ مِنْ الْمَرَضِ أَيْضًا فَمُقْتَضَاهُ الْمَنْعُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ حُطَّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك إنَّمَا يُؤَثِّرُ الْمَنْعُ فِي الْبَيْعِ لَا فِي الْقَرْضِ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْقَرْضِ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرَضِ إنْ شَاءَ عَجَّلَ أَوْ أَبْقَى لِلْأَجَلِ فَلَا يُقَالُ عِنْدَ التَّعْجِيلِ إنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْمُقْرِضِ حَطَّ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ فَإِذَا عَجَّلَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْهُمَا قِيلَ إنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْمُسَلِّمِ حَطَّ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطَيْنِ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِ وَلَوْ قَالَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ كَانَ أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُوسِرًا هَذَا إذَا كَانَ يَسَارُهُ بِالدَّيْنِ مِنْ قَبْلٍ الْأَجَلِ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْيَسَارُ إنَّمَا حَصَلَ لَهُ أَوَّلَ الْأَجَلِ فَقَطْ أَيْ حِينَ الضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ الْآنَ فَكَأَنَّهُ ابْتَدَأَ سَلَفًا بِضَامِنٍ وَهُوَ بِيُسْرِهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَجَلِ لَمْ يَحْصُلْ نَفْعٌ بِالضَّمَانِ وَإِنْ حَصَلَ سَلَفٌ بِالتَّأْخِيرِ لِأَنَّ مَنْ أَجَّلَ مَا عَجَّلَ أَوْ عَكْسُهُ يُعَدُّ مُسَلِّفًا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعْسِرًا وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ بَلْ يُمْضِي ذَلِكَ الْأَجَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعْسِرْ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرَّ إعْسَارُهُ لِآخِرِ الْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ أَيْسَرَ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ بَلْ كَانَتْ الْعَادَةُ حُصُولَ الْيَسَارِ لَهُ فِي أَثْنَائِهِ.
(قَوْلُهُ: يُعَدُّ فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسَلِّفًا) أَيْ وَقَدْ انْتَفَعَ بِتَوَثُّقِهِ بِالضَّامِنِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ حَالَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ ضَمَانُهُ وَبَيْنَ مَنْ يَكُونُ مُوسِرًا فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ فَيُمْنَعُ ضَمَانُهُ قُلْت أَجَابَ الْبِسَاطِيُّ بِظُهُورِ الْمَعْرُوفِ فِي الْمُوسِرِ حَالَ الْعَقْدِ لِقُدْرَةِ رَبِّ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْهُ حَالًّا فَتَأْخِيرُهُ مَحْضُ مَعْرُوفٍ مِنْهُ وَظُهُورُ قَصْدِ الِانْتِفَاعِ فِي الْمُعْسِرِ أَوَّلًا لِانْتِفَاعِ رَبِّ الدَّيْنِ بِالضَّامِنِ زَمَنَ الْإِعْسَارِ.
(قَوْلُهُ: وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ) أَيْ أَجَازَ ضَمَانَهُ أَشْهَبُ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ حُصُولَ الْيَسَارِ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ) أَيْ وَيُسْرُهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ.
(قَوْلُهُ: بِالْمُوسِرِ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَهَلْ هُوَ سَمَاعِيٌّ أَوْ قِيَاسِيٌّ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الِارْتِشَافِ وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ نَائِبِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عِنْدَ شَخْصٍ مِائَتَا دِينَارٍ حَالَّةً وَهُوَ مُوسِرٌ بِمِائَةٍ مِنْهُمَا وَمُعْسِرٌ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى وَضَمِنَهُ شَخْصٌ بِالْمِائَةِ الْمُوسِرِ بِهَا مُؤَجَّلَةً بِأَنْ قَالَ ضَمَانُ الْمِائَةِ الَّتِي يَقْدِرُ بِهَا عَلَيَّ إلَى شَهْرٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا وَقْتَ الضَّمَانِ وَيَجُوزُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْجُعْلَ بِهَا إلَى شَهْرٍ مَثَلًا إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ إعْسَارَهُ بِهَا جَمِيعَ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِهِمَا وَلَوْ وُجِدَ شَرْطُ الضَّمَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ السَّلَفِ فِي تَأْجِيلِ الْمُوسِرِ بِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِالضَّمَانِ فِي الْمُعْسِرِ بِهَا وَضَمَانِهِ بِبَعْضِ الْمُوسِرِ بِهَا فَقَطْ لِأَجَلٍ كَضَمَانِهِ بِكُلِّهَا فِي الْجَوَازِ بِشَرْطِهِ وَكَذَا ضَمَانُهُ بِبَعْضِ الْمُعْسَرِ بِهَا فَقَطْ لِأَجَلٍ كَضَمَانِهِ بِهَا كُلّهَا لِأَجَلٍ فِي الْجَوَازِ بِشَرْطِهِ وَمِثْلُ ضَمَانِ الْجَمِيعِ فِي الْمَنْعِ مَا إذَا ضَمِنَ الْبَعْضَ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ لَا بِالْجَمِيعِ) قَالَ عج مَحَلُّ مَنْعِ ضَمَانِهِ لِلْجَمِيعِ إذَا حَصَلَ التَّأْجِيلُ لِلْمَالَيْنِ وَضَمِنَهَا مَعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَأْجِيلٌ بَلْ ضَمَانٌ فَقَطْ أَوْ حَصَلَ التَّأْجِيلُ فِي الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ضَمَانُهُمَا مَعًا.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةِ كَضَمَانِ الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ) أَيْ لِجَوَازِ