وَيَمْلِكُ بَاقِيَ الثَّمَنِ (لَا) إنْ (وَهَبَ لَهُ) فَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ بَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ (إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ الْعِتْقِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلِمَ بِالْقَرَابَةِ كَالْأُبُوَّةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا يَعْتِقُ كَالْإِرْثِ.
وَأَشَارَ إلَى ثَالِثِ أَحْكَامِ الْفَلَسِ الْأَخَصِّ بِقَوْلِهِ (وَحُبِسَ) الْمُفَلَّسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ (لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ) لَا إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ (وَلَمْ يَسْأَلْ) أَيْ وَلَمْ يَطْلُبْ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ (الصَّبْرَ) أَيْ التَّأْخِيرَ عَنْ الْحَبْسِ (لَهُ) أَيْ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ (بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ) وَأَوْلَى بِالْمَالِ (فَغَرِمَ) حَمِيلُ الْوَجْهِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ) أَيْ بِمَجْهُولِ الْحَالِ (وَإِنْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمِدْيَانِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعُسْرِ مِنْ تَمَامِ النِّصَابِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُسْرِهِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ لَمْ يَضْمَنْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ اسْتِظْهَارٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ الْعُسْرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ لَا إنْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ أَوْ مَوْتَهُ لَا فِي غَيْبَتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْمَشْهُورُ مَا لِلَّخْمِيِّ لَكِنَّ اللَّخْمِيُّ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَكْتُمُ الْمَالَ وَإِلَّا غَرِمَ الضَّامِنُ مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ أَيْضًا بِأَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَهُ وَلَوْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ بِمَنْ يُتَّهَمُ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ وَذَكَرَ قَسِيمَ مَجْهُولِ الْحَالِ بِقَوْلِهِ (أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ) بِحَسَبِ ظَاهِرِ حَالِهِ فَيُحْبَسُ (إنْ تَفَالَسَ) أَيْ أَظْهَرَ الْفَلَسَ مِنْ نَفْسِهِ بِادِّعَائِهِ الْفَقْرَ وَلَمْ يَعِدْ بِالْقَضَاءِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ بِحَمِيلٍ، وَمِلَاؤُهُ بِالْمَدِّ الْغِنَى، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ مَهْمُوزًا فَالْجَمَاعَةُ وَبِلَا هَمْزٍ فَالْأَرْضُ بِجِنْسِ الْمُتَّسِعَةَ (وَإِنْ وَعَدَ) أَيْ مِنْ ذُكِرَ مِنْ مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمِلَاءِ (بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرَ كَالْيَوْمِ) وَالْيَوْمَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ أَحْسَنُ (أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ) عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَلَا يَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي (وَإِلَّا) يُعْطِي يَأْتِي حَمِيلًا بِالْمَالِ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ أَصْلًا أَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ (سُجِنَ) حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ أَوْ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ (كَمَعْلُومِ الْمِلَاءِ) وَهُوَ الْمُلِدُّ الْمُعَانِدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQشِرَائِهِ لِأَبِيهِ بِخُصُوصِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ إنْ رَدَّهُ الْغُرَمَاءُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَجَازُوهُ بِيعَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْعِتْقِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ وَهَبَ لَهُ) أَيْ لِلْمُفَلَّسِ مُطْلَقًا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَحُبِسَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ، وَقَوْلُهُ الْمُفَلَّسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ فَاعِلُ حُبِسَ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِلْمِدْيَانِ مُفَلَّسًا كَانَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا التَّقْسِيمِ كَمَا يَأْتِي ظَاهِرُ الْمُلَاءِ وَمَعْلُومُهُ وَهُمَا لَا يُفَلَّسَانِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُلِّسَ إلَى قَوْلِهِ بِطَلَبِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْلِيسَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ يُخْفِي بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا فَيَحْتَاجُ أَنْ يُحْبَسَ إلَى أَنْ يُثْبِتَ عُسْرَهُ وَلَمْ يُخْفِ مَالًا خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ تَوَقُّفِ التَّفْلِيسِ عَلَى ثُبُوتِ الْعُدْمِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ) أَيْ إلَى ثُبُوتِ (قَوْلُهُ إنْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ هَلْ هُوَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدَمٌ؟ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْمِلَاءِ، وَهَذَا مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْغَالِبُ وَهُوَ التَّكَسُّبُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْفَقْرُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مِلْكَ لَهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ لَا إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ) أَيْ فَلَا يُحْبَسُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ جُهِلَ أَيْ إنْ جُهِلَ فِي حَالِ كَوْنِهِ لَمْ يَسْأَلْ إلَخْ فَلَوْ سَأَلَ الصَّبْرَ عَنْ الْحَبْسِ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ يَضْمَنُهُ حَتَّى يَثْبُتَ عُسْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ، ثُمَّ إنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ هَرَبَ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ غَرِمَ الْحَمِيلُ الدَّيْنَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَغَرِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالْمَالِ؟ وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ بِالْوَجْهِ وَأَوْلَى بِالْمَالِ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَالِ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَالْأَنْدَلُسِيِّينَ وَلَا يَقْضِي النَّظَرُ غَيْرَهُ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ يُكَلَّفُ بِإِقَامَةِ حَمِيلٍ بِالْمَالِ إلَى أَنْ يُثْبِتَ الْعُدْمَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حَمِيلِ الْمَالِ سُجِنَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ وَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ الْحَمِيلُ عُدْمَ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعُسْرِ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُسْرِهِ أَيْ بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ) أَيْ الْحَمِيلُ، وَقَوْلُهُ عُسْرَهُ أَيْ عُسْرَ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ مَا لِلَّخْمِيِّ إلَخْ) قَالَ بْن نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِفَاسَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَثْبَتَ عُدْمَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ) عَطْفٌ عَلَى جُهِلَ حَالُهُ أَيْ حُبِسَ إنْ جُهِلَ حَالُهُ أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ وَلَوْ كَانَ مُقْعَدًا وَيُحَدَّدُ مَنْ يُخْشَى هُرُوبُهُ، وَأُجْرَةُ الْحَبَّاسِ كَأُجْرَةِ الْعَوْنِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ وَأَمْكَنَ أَخْذُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَعَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَلِدَّ الْمَطْلُوبُ كَمَا أَفَادَهُ ح أَوْ الْمُرَادُ بِظَاهِرِ الْمِلَاءِ مَنْ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ بِسَبَبِ لُبْسِهِ الْفَاخِرَ مِنْ الثِّيَابِ وَرُكُوبِهِ لِجَيِّدِ الدَّوَابِّ وَلَهُ خَدَمٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ حَقِيقَةُ حَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ) أَيْ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ أَيْ فَإِنْ سَأَلَهُ أُجِيبَ وَهَلْ يَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ كَالْمَجْهُولِ وَأَوْلَى بِالْمَالِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ حَمِيلٍ بِالْمَالِ وَلَا يَكْفِي حَمِيلُ الْوَجْهِ وَهُوَ لِسَحْنُونٍ، وَقِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ فِي غَيْرِ الْمُلِدِّ وَالثَّانِي فِي الْمُلِدِّ فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ بَلْ قَوْلٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ كَمَعْلُومِ الْمِلَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ