(وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ) فَلَا يُعَيَّنُ الْعَامِلُ وَالْمَعْمُولُ مِنْهُ وَيَكُونُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَعَقْدٍ عَلَى قِنْطَارِ خُبْزٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ شَهْرٍ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ كَذَا وَقَوْلُهُ (كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ) تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلَ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الصَّانِعَ إنْ كَانَ دَائِمَ الْعَمَلِ كَانَ بَيْعًا لَا سَلَمًا مَعَ أَنَّهُ سَلَمٌ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَائِمَ الْعَمَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا إنْ نَصَبَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا مَا نَصَبَ نَفْسَهُ لَهُ مِنْ وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ عَدَدٍ كَالْخَبَّازِ وَاللَّبَّانِ وَالْجَزَّارِ وَالْبَقَّالِ يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْعُ تَارَةً وَالسَّلَمُ أُخْرَى بِشُرُوطِهِ وَإِلَّا فَالسَّلَمُ بِشُرُوطِهِ وَلَوْ اُسْتُدِيمَ عَمَلُهُ كَالْحَدَّادِ وَالنَّجَّارِ وَالْحَبَّاكِ (وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ) كَاعْمَلْ مِنْ هَذَا الْحَدِيدِ بِعَيْنِهِ أَوْ مِنْ هَذَا الْخَشَبِ بِعَيْنِهِ أَوْ مِنْ هَذَا الْغَزْلِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) تَعْيِينِ (الْعَامِلِ) أَوْ هُمَا بِالْأَوْلَى وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِ الْمَعْمُولَ مِنْهُ (وَ) أَمَّا (إنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ) وَعَيَّنَهُ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ (وَاسْتَأْجَرَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَمَلِهِ (جَازَ إنْ شَرَعَ) فِي الْعَمَلِ وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهِ لِنِصْفِ شَهْرٍ (عُيِّنَ عَامِلُهُ أَمْ لَا)
(لَا) يَجُوزُ السَّلَمُ (فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ) عَادَةً وَصْفًا كَاشِفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ (كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ) وَأَوْلَى تُرَابُ الصَّوَّاغِينَ وَمِنْ ذَلِكَ الْحِنَّاءُ الْمَخْلُوطَةُ بِالرَّمْلِ وَالنِّيلَةُ الْمَخْلُوطَةُ بِالطِّينِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ قَدْرُ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَلْطِ (وَ) لَا يُسْلَمُ فِي (الْأَرْضِ وَالدُّورِ) لِأَنَّ وَصْفَهُمَا مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا تَعْيِينُ الْبُقْعَةِ الَّتِي هُمَا بِهَا فَيُصَيِّرُهُمَا مِنْ الْمُعَيَّنِ وَشَرْطُ السَّلَمِ كَوْنُهُ فِي الذِّمَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُمْ نَزَّلُوا دَوَامَ الْعَمَلِ مَنْزِلَةَ تَعَيُّنِ الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يَكُونُ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ) بِأَنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ تَسَاوَى عَمَلُهُ وَانْقِطَاعُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ غَيْرِ دَائِمِ الْعَمَلِ جَائِزٌ وَهُوَ سَلَمٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ مِنْهُ فَإِنْ عُيِّنَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَانَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ اسْتِصْنَاعَ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ سَلَمٌ سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ الْمَعْقُودُ مَعَهُ دَائِمَ الْعَمَلِ أَمْ لَا كَأَنْ تَقُولَ لِإِنْسَانٍ اصْنَعْ لِي سَيْفًا أَوْ سَرْجًا صِفَتُهُ كَذَا بِدِينَارٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَأَنْ لَا يُعَيِّنَ الْعَامِلَ وَلَا الْمَعْمُولَ مِنْهُ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَهُوَ سَلَمٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ عَدَمِ دَوَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الصَّانِعَ) أَيْ صَانِعَ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ (قَوْلُهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْعُ) أَيْ أَنَّ عَيْنَ الْعَامِلِ أَوْ الْمَعْمُولِ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَشْتَرِي مِنْك قِنْطَارَ خُبْزٍ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ أَوْ مِنْ عَمَلِك (قَوْلُهُ وَالسَّلَمُ أُخْرَى) أَيْ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامِلَ وَلَا الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَفِيهِ أَنَّهُمْ نَزَّلُوا دَوَامَ الْعَمَلِ مَنْزِلَةَ تَعْيِينِ الْمَبِيعِ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ حَقِيقَةً فَهُوَ مُعَيَّنٌ تَنْزِيلًا وَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى السَّلَمُ عِنْدَ دَوَامِ الْعَمَلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ دَائِمَ الْعَمَلِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ تَسَاوَى عَمَلُهُ وَانْقِطَاعُهُ (قَوْلُهُ فَالسَّلَمُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ أَجَلٍ لِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اُسْتُدِيمَ عَمَلُهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ غَيْرُ دَائِمِ الْعَمَلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفَسَدَ) أَيْ السَّلَمُ وَقَوْلُهُ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّ تَعْيِينَ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ لَا يَضُرُّ فِي السَّلَمِ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَعْيِينِ الْعَامِلِ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَقَدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسَلِّمُ ذَلِكَ الرَّجُلُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا فَذَلِكَ غَرَرٌ اهـ وَعَلَى هَذَا دَرَجَ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا عَيَّنَ الْعَامِلَ فَقَطْ لِقَوْلِهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْجِصَّ وَالْآجُرَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ اهـ مواق (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا بِالْأَوْلَى) أَيْ فَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثَةُ يَفْسُدُ فِيهَا السَّلَمُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ دَوَرَانُ الْمَعْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ فَهُوَ غَرَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسَلِّمُ الْعَامِلَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا وَفِي الْأُولَى أَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ بَلْ فِي شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْمَنْعُ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْمَعْمُولَ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلَ إذَا لَمْ يَشْتَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مِنْهُ حَدِيدًا مَثَلًا مُعَيَّنًا وَاسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ مِنْهُ سَيْفًا بِدِينَارٍ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ سَوَاءٌ شَرَطَ تَعْجِيلَ النَّقْدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي الشَّيْءِ وَهُوَ جَائِزٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَأْجَرَهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرُ الْبَائِعِ لَجَازَ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ الشُّرُوعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَتَوْرٍ لِيَكْمُلَ أَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا قَبْلَهَا وَقَعَ عَلَى الْمَصْنُوعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهَذِهِ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى الْمَعْمُولِ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَمَلَكَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى عَمَلِهِ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِي الْأُولَى أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَهِيَ تَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالْعَامِلِ وَعَدَمُ تَعْيِينِهِمَا وَتَعْيِينُ الْأُولَى دُونَ الثَّانِي وَالْعَكْسُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي حَالَةٍ وَفَسَادُهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ حَالَتَانِ فَقَطْ أَنْ يُعَيِّنَ الْعَامِلَ أَوْ لَا يُعَيِّنُ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا طُبِخَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْحِنَّاءُ الْمَخْلُوطَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُهُمَا نَقْدًا مِنْ غَيْرِ سَلَمٍ فَجَائِزٌ إذَا تَحَرَّى قَدْرَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ وَلَا يُسْلِمُ فِي الْأَرْضِ وَالدُّورِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لِآخَرَ أُسْلِمُك مِائَةَ دِينَارٍ فِي