مَجَازٌ كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ السَّلَمِ عَلَى هَذَا الشِّرَاءِ مَجَازٌ وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوعُ وَلَوْ حُكْمًا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ جَازَ إنْ شَرَعَ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ بَائِعُهُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَا وَجَدَ صَانِعًا شَرَعَ فِي عَمَلِ تَوْرٍ مَثَلًا فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ جُزَافًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يُكْمِلَهُ لَهُ جَازَ فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَزْنِ لَمْ يَضْمَنْهُ مُشْتَرِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهَذَا بِخِلَافِ شِرَاءِ ثَوْبٍ لِيَكْمُلَ فَيُمْنَعُ كَمَا يَأْتِي لِإِمْكَانِ إعَادَةِ التَّوْرِ إنْ جَاءَ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ يَعْمَلُ مِنْهُ غَيْرُهُ إذَا جَاءَ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ فَإِنْ اشْتَرَى جُمْلَةَ الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ مُنِعَ كَمَا إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ لِيَعْمَلَهُ تَوْرًا وَهَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الصَّانِعِ وَالْمَصْنُوعِ مِنْهُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ مُعَيَّنًا دُونَ الْمَصْنُوعِ مِنْهُ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَ (الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَكَوْنِ الْبَائِعِ مِنْ أَهْلِ حِرْفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِتَيَسُّرِهِ عِنْدَهُ فَأَشْبَهَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَالشِّرَاءَ إمَّا لِجُمْلَةٍ يَأْخُذُهَا مُفَرَّقَةً عَلَى أَيَّامٍ كَقِنْطَارٍ بِكَذَا كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ يَعْقِدُ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ عَدَدًا مُعَيَّنًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ (كَالْخَبَّازِ) وَالْجَزَّارِ بِنَقْدٍ وَبِغَيْرِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَأْجِيلُ الْمُثَمَّنِ بَلْ يُشْتَرَطُ الشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَأَجَازُوا التَّأْخِيرَ لِنِصْفِ شَهْرٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ بَيْعٌ) فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ وَجَبَ الْفَسْخُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ السَّلَمِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الْمُجَوِّزِ فِي السَّلَمِ تَعْيِينَ الْمَصْنُوعِ مِنْهُ وَالصَّانِعِ وَهُنَا عُيِّنَ الْمَصْنُوعُ مِنْهُ وَهَذِهِ يَمْنَعُهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنْتَ إذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ وَجَدْتهَا لَهَا شَبَهٌ بِالسَّلَمِ نَظَرًا لِلْمَعْدُومِ فِي حَالِ الْعَقْدِ وَلَهَا شَبَهٌ بِالْبَيْعِ نَظَرًا لِلْمَوْجُودِ وَلَيْسَتْ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَلَكِنَّ أَقْرَبَ مَا يَتَمَشَّى عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ أَشْهَبَ الَّذِي يُجِيزُ تَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مَجَازٌ) أَيْ فَهُوَ مِثْلُ {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) كَذَا قَالَ عج وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا لِأَنَّهُ هُنَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْمَصْنُوعِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَالْآتِيَةُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ وَنَحْوَهُ لَبَنٌ كَمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بَلْ لَهَا شَبَهٌ بِالسَّلَمِ وَبِالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ التَّلَفُ مِنْهُ أَوْ ادَّعَى هَلَاكَهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ضَمَّنَهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَزْنِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ كَمِّلْهُ لِي عَلَى صِفَةِ كَذَا وَأَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْك كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَنْعِ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَى جُمْلَةَ الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ مُنِعَ كَمَا إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ إلَخْ) إنَّمَا مُنِعَ فِيهِمَا لِلنَّقْصِ إذَا نُقِضَ لِعَدَمِ إتْيَانِهِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَطْلُوبِ.
(قَوْلُهُ كَمَا إذْ اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ لِيَعْمَلَهُ تَوْرًا) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْجَوَازِ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ التَّوْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ التَّوْرِ وَالثَّوْبِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ يَتَّفِقَانِ فِي الْمَنْعِ إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ مَا عِنْدَ الْبَائِعِ مِنْ الْغَزْلِ وَالنُّحَاسِ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَاتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَصْنَعَهُ لَهُ تَوْرًا أَوْ ثَوْبًا وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْجَوَازِ إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ جُمْلَةٌ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ الْغَزْلِ غَيْرُ مَا اشْتَرَى بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ بِحَيْثُ إذَا لَمْ يَأْتِ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ يَعْمَلُ لَهُ بَدَلُهُ مِنْ ذَلِكَ النُّحَاسِ أَوْ الْغَزْلِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي حَالَةٍ وَهُوَ الْمَنْعُ فِي الثَّوْبِ إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ غَزْلٌ لَا يَأْتِي ثَوْبًا عَلَى تَقْدِيرِ إذَا لَمْ يَأْتِ الْمَبِيعُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ وَالْجَوَازُ فِي التَّوْرِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ نُحَاسٌ لَا يَأْتِي تَوْرًا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ يُمْكِنُ كَسْرُهُ وَإِعَادَتُهُ وَتَكْمِيلُهُ بِمَا عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ حَقِيقَةً) أَيْ وَهُوَ مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنْهُ غَالِبًا وَقَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ بِالْفِعْلِ رَجَعَ لِمَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي قَالَ وَاَلَّذِي غَرَّ عبق التَّابِعِ لَهُ الشَّارِحُ أَنَّ بَعْضَهُمْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ وَأَرَادَ بِهِ نَفْسَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَتَوَهَّمَ التَّغَايُرَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِجُمْلَةٍ يَأْخُذُهَا مُفَرَّقَةً عَلَى أَيَّامٍ وَذَلِكَ لِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيهَا (قَوْلُهُ دُونَ الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ عَدَدًا مُعَيَّنًا فَالْبَيْعُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ كَالْخَبَّازِ وَالْجَزَّارِ) يَتَأَتَّى فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الصُّورَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ (قَوْلُهُ بِنَقْدٍ وَبِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشِّرَاءِ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الْمُعَجَّلِ وَبِغَيْرِهِ الْمُؤَجَّلُ أَيْ جَازَ الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ فَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ مُخَالِفٌ لِلسَّلَمِ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ) أَيْ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ وَتَأْجِيلِ الْمُثَمَّنِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ بَيْعٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الشُّرُوعَ فِي الْأَخْذِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَأَجَازُوا إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ بَيْعٌ) صَرَّحَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَالشِّرَاءُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُطْلَقُ عَلَى السَّلَمِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ بَيْعًا لَا سَلَمًا