وَالِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ.

(وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ عَلَى كَيْلٍ) أَوْ عَدَدٍ أَوْ ذَرْعٍ (غَيْرُهُ مُطْلَقًا) مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَذْرُوعًا مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ جُزَافًا كَصُبْرَةٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِكَذَا وَعَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةَ كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا بَلْ ثَمَنُهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ الْمَكِيلَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ السِّلْعَةَ حِينَ الْبَيْعِ مَجْهُولٌ.

(وَجَازَ) الْبَيْعُ (بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) مِنْ مَكِيلٍ كَقَمْحٍ وَمَوْزُونٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ (و) بِرُؤْيَةِ (الصِّوَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا وَهُوَ مَا يَصُونُ الشَّيْءَ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَجَوْزٍ، وَلَوْزٍ أَيْ بِرُؤْيَةِ قِشْرِ بَعْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكْسِرْ شَيْئًا مِنْهُ لِيَرَى مَا بِدَاخِلِهِ.

(و) جَازَ بَيْعٌ وَشِرَاءٌ مُعْتَمَدًا فِيهِ (عَلَى) الْأَوْصَافِ الْمَكْتُوبَةِ فِي (الْبَرْنَامَجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الدَّفْتَرُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ أَوْصَافُ مَا فِي الْعَدْلِ مِنْ الثِّيَابِ الْمَبِيعَةِ لِتُشْتَرَى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ وُجِدَ عَلَى الصِّفَةِ لُزُومٌ وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي.

(و) جَازَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ (مِنْ الْأَعْمَى) سَوَاءٌ وُلِدَ أَعْمَى أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ أَوْ كِبَرِهِ وَيَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَوْصَافِ الْمَبِيعِ.

(و) جَازَ الْبَيْعُ (بِرُؤْيَةٍ) سَابِقَةٍ عَلَى وَقْتِ الْعَقْدِ (لَا يَتَغَيَّرُ) الْمَبِيعُ عَادَةً (بَعْدَهَا) إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ، وَلَوْ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْبَتِّ وَيَجُوزُ عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ.

(وَحَلَفَ) بَائِعٌ (مُدَّعٍ) عَدَمَ الْمُخَالَفَةِ (لِبَيْعٍ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الصُّبْرَتَانِ مِنْ الْقَمْحِ وَإِحْدَاهُمَا جَيِّدَةً وَالْأُخْرَى رَدِيئَةً وَاشْتَرَاهُمَا مَعًا كُلُّ إرْدَبٍّ مِنْهُمَا بِدِينَارٍ أَوْ الْإِرْدَبُّ مِنْ هَذِهِ بِدِينَارَيْنِ وَمِنْ الْأُخْرَى بِدِينَارٍ

(قَوْلُهُ: كَصُبْرَةِ إلَخْ) أَيْ وَكَبَلَّاصِ سَمْنٍ كُلُّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ ثَوْبًا، وَكَذَلِكَ شَقَّةُ قُمَاشٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِكَذَا عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةُ، كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا وَكَكَوْمِ بِطِّيخٍ كُلُّ بِطِّيخَةٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةً، كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عبق قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا الْقَيْدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْإِطْلَاقَ وَمِنْ خَطِّ شَيْخِ شُيُوخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَاجِّ هُنَا مَا نَصُّهُ سَوَاءٌ سَمَّى لِذَلِكَ الْغَيْرِ ثَمَنًا أَمْ لَا بِدَلِيلِ صُوَرُ الْمَنْعِ الثَّلَاثِ فِي مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَمَّى لِتِلْكَ السِّلْعَةِ ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ: أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ وَهَذَا الثَّوْبُ بِدِينَارٍ أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِلثَّوْبِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ قَدْ يُسَاوِي الثَّوْبُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ هَذَا الْجُزَافِ فَصَارَتْ التَّسْمِيَةُ كَلَا تَسْمِيَةَ وَمَعَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ الثَّوْبَ مِنْ الثَّمَنِ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ بِسَبَبِ رُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ وَلَوْ جُزَافًا لِمَا مَرَّ أَنَّ رُؤْيَةَ الْبَعْضِ كَافِيَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ) أَيْ كَعَدْلٍ مَمْلُوءٍ مِنْ الْقُمَاشِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ أَيْ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مُشَارَكَةِ الْمُقَوَّمِ لَلْمِثْلِيِّ فِي كِفَايَةِ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ إذَا كَانَ الْمُقَوِّمُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ قَالَ شَيْخُنَا: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي نَشْرِهِ إتْلَافٌ كَالشَّاشِ وَإِلَّا اكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ.

(قَوْلُهُ: وَالصِّوَانِ) عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ رُؤْيَةٍ وَهُوَ بَعْضٌ

(قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ لِمَا فِي حَلِّ الْعَدْلِ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ تَلْوِيثِهِ وَمُؤْنَةِ شَدِّهِ إنْ لَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِي فَأُقِيمَتْ الصِّفَةُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الصِّفَةَ بِحَالِهَا وَلَكِنْ وَجَدَ فِي الْعَدْلِ زِيَادَةً فِي الْعَدَدِ عَلَى مَا فِي الْبَرْنَامَجِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَدْلًا بِبَرْنَامَجِهِ عَلَى أَنَّ فِيهِ خَمْسِينَ ثَوْبًا فَوَجَدَ فِيهِ أَحَدًا وَخَمْسِينَ فَقَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ الْبَائِعُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي الثِّيَابِ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ الثِّيَابِ، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: يَرُدُّ مِنْهَا ثَوْبًا كَيْفَ وَجَدَهُ فِيهِ أَيَّ يَرُدُّ أَيْ ثَوْبٍ شَاءَ رَدَّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِنْ وَجَدَ فِي الْعَدْلِ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ثَوْبًا وَضَعَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ جُزْءًا مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ ثَوْبًا مَثَلًا قَالَ مَالِكٌ إنْ وَجَدَ مِنْ الثِّيَابِ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَرَدَّ الْبَيْعَ أَيْ إنْ شَاءَ وَلَا يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ أَكْثَرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْمُعَيَّنِ وَمَا هُنَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ مِنْ الْأَعْمَى) أَيْ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ جُزَافٍ؛ لِأَنَّ الْجُزَافَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى أَوْصَافِ الْمَبِيعِ فَتُذْكَرُ لَهُ الْأَوْصَافُ لِيَعْتَمِدَ عَلَيْهَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَهَذَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ مَعْرِفَتُهُ لِلْمَبِيعِ بِغَيْرِ وَصْفٍ، وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ لِلْمَبِيعِ بِدُونِ وَصْفٍ فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصَفْ لَهُ الْمَبِيعُ كَالسَّمْنِ فِي الشَّاةِ وَكَالْأَدْهَانِ وَالْمَشْمُومَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا بِاللَّمْسِ وَالذَّوْقِ وَالشَّمِّ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةٍ) أَيْ جَازَ الْبَيْعُ بَتًّا وَعَلَى الْخِيَارِ بِسَبَبِ رُؤْيَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا) أَيْ إذَا ظَنَّ أَوْ جَزَمَ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْغِيبَةُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ إلَّا فِيمَا بِيعَ عَلَى الْوَصْفِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَتَغَيَّرُ) أَيْ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا بَعْدَهَا أَيْ وَقَبْلَ وَقْتِ الْعَقْدِ

(قَوْلُهُ: وَحَلَفَ بَائِعٌ مُدَّعٍ عَدَمَ الْمُخَالِفَةِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّ صِلَةَ مُدَّعٍ مَحْذُوفَةٌ وَأَنَّ اللَّامَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015