فأشبه الصدقة، وما ذكره من الحديث حجة عليه فإن النبي صلى الله عليه وسلم ترك اعتكافه ولو كان واجباً ما تركه، وأزواجه تركن الاعتكاف بعد نيته وضرب الأبنية له ولم يوجد عذر يمنع فعل الواجب ولا أمرن بالقضاء وقضاء النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لوجوبه عليه وإنما فعله تطوعاً لأنه كان إذا عمل عملاً أثبته فكان فعله لقضائه على سبيل التطوع كما قضى السنة التي فاتته بعد الظهر وقبل الفجر فتركه دليل على عدم وجوبه وقضاؤه لا يدل على الوجوب لأن قضاء السنن مشروع، فإن قيل إنما جاز
تركه ولم يؤمر تاركه من النساء بقضائه لتركهن إياه قبل الشروع قلنا فقد سقط الاحتجاج لاتفاقنا على أنه لا يلزم قبل شروعه فيه فلم يكن القضاء دليلاً على الوجوب مع الاتفاق على انتفائه ولا يصح قياسه على الحج والعمرة لأن الوصول إليهما لا يحصل في الغالب إلا بعد كلفة عظيمة، ومشقة شديدة، وانفاق مال كثير، ففي إبطالهما تضييع لماله وإبطال لأعماله الكثيرة، وقد نهينا عن إضاعة المال وإبطال الأعمال، وليس في ترك الاعتكاف بعد الشروع فيه مال يضيع ولا عمل يبطل، فإن ما مضى من اعتكافه لا يبطل بترك اعتكاف المستقبل، ولأن النسك يتعلق بالمسجد الحرام على الخصوص والاعتكاف بخلافه (مسألة) (ويصح بغير صوم وعنه لا يصح فعلى هذا لا يصح في ليلة مفردة ولا بعض يوم) ظاهر المذهب أن الاعتكاف يصح بغير صوم يروي ذلك عن علي وابن مسعود وسعيد بن المسيب