وبهذا قال الشافعي وقال مالك: يلزمه بالنية مع الدخول فيه، فإن قطعه فعليه قضاؤه، قال ابن عبد البر لا يختلف في ذلك الفقهاء ويلزمه القضاء عند جميع العلماء، قال وإن لم يدخل فيه فالقضاء مستحب ومن العلماء من أوجبه وإن لم يدخل فيه، واحتج بما روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فإذن لها فأمرت ببنائها فضرب وسألت حفصة أن يستأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلت فأمرت ببنائها فضرب، فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببنائها فضرب قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح دخل معتكفه، فلما صلى الصبح انصرف فبصر بالأبنية فقال " ما هذا؟ " فقالوا بناء عائشة وحفصة وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البر أردتن ما أنا بمعتكف " فرجع فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال، متفق على معناه، ولأنها عبادة تتعلق بالمسجد فلزمت بالدخول فيها كالحج وما ذكره ابن عبد البر فليس بشئ، فإن هذا ليس بإجماع ولا يعرف هذا القول عن أحد سواه، وقال الشافعي: كل عمل لك أن لا تدخل فيه، فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج والعمرة، ولم يقم الإجماع على لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة، وإذا كانت العبادات التي لها أصل في الوجوب لا تلزم بالشروع فما ليس له أصل في الوجوب أولى، وقد انعقد الاجماع على أن الإنسان لو نوى الصدقة بمال قدر وشرع في الصدقة به فأخرج بعضه لم تلزمه الصدقة بباقيه وهو نظير للاعتكاف لأنه غير مقدر بالشرع