أو يكون ممكنًا صدقه وممكنًا كذبه، فهذا عليه الحد بلا خلاف، لإمكان كذبه فقط، ولو صح صدقه لما حد.
أو يكون كاذبًا قد صح كذبه، فالآن حقًا طابت النفس على وجوب الحد عليه بيقين، إذ المشكوك في صدقه أو كذبه لا بد له من أحدهما ضرورة، "فلو كان صادقًا لما صح عليه حد أصلًا، فصح يقينا إذ قد سقط الحد عن الصاقد أنه باق على الكاذب"1، وما ذهب إليه ابن حزم هو ما أرجحه، سواء أكان المقذوف يجامع مثله أم لا؛ لأن حد القذف لا ينتهي بكذب القاذف، وإنما يلزم بكذبه كما أن أهل الصغير، أو المجنون يعيرون بذلك، ولا ينجو الصغير، أو المجنون من ملاحقة العار له طوال حياته إذا لم يحد القاذف، ويظهر كذبه، هذا ولا يعد الخلاف هنا من باب الخلاف الذي يورث شبهة يندرئ بها الحد؛ لأن دليل المانعين للحد دليل لا تقوم به حجة، والمعول عليه هو قوة المدرك لا مطلق الشبهة.