فإنه قد جاء عن الجمهور ما يدل على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد حكم لهم بالدية، ولم يقتص لقتيلهم.

وما رواه ابن عباس عن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنهم- يمكن حمله على أن كلمة "أو"، التي جاءت بعد كلمة الحبل، وقبل كلمة الاعتراف في قوله: أو كان الحبل أو الاعتراف، يمكن أن تحمل على أنها عاطفة، ويكون قول عمر على هذا: أو كان الحبل والاعتراف.

هذا لا يعارض قواعد العربية، ويؤيده ما جاء عن عمر -رضي الله تعالى عنه- من أنه لم يقم الحد على من جاء معترفًا؛ لأنه أتى جريمته الحدية، وهو مكره.

والقرينة إذا دلت على الجريمة، فإنها لا تدل على الطريقة التي وقعت بها، ولا الظروف التي أحاطتها، وهذه كلها أمور جوهرية لا بد من التثبت منها لإلزام الحد.

وحتى لو حمل قول عمر على الوجه الذي استدل به مثبتوا الحد بالقرائن، فإنه لا يعدو أن يكون اجتهادًا لعمر في هذه الحادثة بعينها لم عن له من ظروف، وملابسات، وأدلة أخرى لم يروها عنه من روى هذه الحادثة، ويؤكد ذلك أن عمر يلتزم بما قضى به هنا، إن صح -في كل ما عرض عليه من قضايا- الحدود.

وقد ذكر جانبًا من هذا الشوكاني في مقالته: إن هذا من قول عمر، ومثل ذلك لا يثبت به مثل هذا الأمر العظيم الذي يفضي إلى هلاك النفوس، وكونه قاله في مجمع من الصحابة، ولم ينكر عليه لا يستلزم أن يكون إجماعًا.. لأن الإنكار في مسائل الاجتهاد غير لازم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015