وقد أفتى أبو عباس -رضي الله تعالى عنهما- بعدم قطع يد من سرق دابة غيره، وذبحها لدفع الجوع1.
من هذا كله يبين مدى للتشريع العقابي في الإسلام من فضل السبق في الدعوة إلى اعتبار ظروف المجرم، وجعل ذلك مبدأ واجب الالتزام، والخروج بهذا المبدأ إلى حيز التطبيق الفعلي على يد الرسول الكريم، والصحابة الأطهار.
هل بقي مع هذا زعم لقائل.
كما أن هناك أمرًا تجب الإشارة إليه، إلا وهو أن الشريعة الإسلامية، وإن كانت فيما وضعته من نظام عقابي قد لاحظت فيه حال المجرم، واهتمت به فهي أيضًا قد اهتمت بالمجني عليه، وأولته من الرعاية والعناية، والاهتمام ما هو أحق به وأولى.
أما من حيث كون العقوبة لا تتناسب والفعل، فإنه ينبغي أن لا ننظر إلى الشيء القليل الذي سرقه الجاني فقط، وإنما لا بد وأن ننظر إلى المسروق منه، ونرعاه -فقد كان آمنا في بيته وأهله على نفسه وماله، فإذ به يفزع بدخول السارق عليه، وما قد يسببه ذلك من هلع وخوف