إذ إن الشريعة الإسلامية في نظامها العقابي قد اهتمت بالجاني، وعنيت به وتلمست له كل طريق التخفيف ودرء العقوبة.

كما أنها لم تبث عيونها وجواسيسها وراء كل فرد تتلمس له الزلل، فكم جاء من يعترف بجرائمه، فإذا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- يعرض عنه تاره. ويقول له أخرى: هل صليت معنا..؟ ليس عليك من وزر دون أن يسأله، ويتقصى جريمته وذنبه1.

كما أن ابن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، وقد جاءه رجل يقول له: إن لي بنتًا أسلمت، وأصابت حدًا من حدود الله، فعمدت إلى الشفرة لتذبح نفسها، فأدركتها، ثم إنها أقبلت بتوبة حسنة، فهي تخطب إلي يا أمير المؤمنين، فأخبر من شأنها الذي كان؟ فقال عمر: أتعمد إلى ما ستره الله فتبديه؟ والله لأن أخبرت بشأنها أحدًا من الناس لأجعلك نكالًا لأهل الأمصار، بل أنكحها بنكاح المسلمة العفيفة2.

فعمر رضي الله تعالى عنه يهدد الرجل بالعقاب إذا كشف ستر ابنته ... صونا للحياء وسترًا على المسلمين، وحفاظًا على الفضيلة فيهم، كما أنه يعاقب الغلمان الذين سرقوا حين ألجأهم الجوع لذلك، بل قال لسيدهم: إنكم تجيعون غلمانكم، لو سرقوا مرة أخرى، فإني لن أقيم الحد إلا عليك أنت.

كما أنه أبطل حد السرقة عام الرمادة، مراعاة لحال الناس....

طور بواسطة نورين ميديا © 2015