في كتابهِ الاشتقاق، لَمَّا كان غرضه فيه معناهُ، دون لفظه» (?) وهذا يصح في دراسة بلاغة اللغة بصفة عامة، دون تحديد للغة العرب في عصر نزول القرآن على وجه الخصوص، وأما دراسة لغة العرب في عهد نزول القرآن فلا بد من الاقتصار على لغة ذلك العصر الجاهلي من الشعر والنثر، غير أن ما حفظ من الشعر أضعاف ما حفظ من النثر، فلذلك خص الشعر بالحديث.

فأمَّا الفراهي فقد كان فريدًا في تدبر الشعر الجاهلي، والفقه في معانيه، واستخراج الشواهد الشعرية التي تدل على المعاني الدقيقة التي وردت في القرآن الكريم، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك (?)، وكان يدعو إلى البحث عن بلاغة القرآن والاستعانة على ذلك بدراسة الشعر الجاهلي (?).

وأما الأستاذ محمود شاكر فقد شغله أمرُ الشعرِ الجاهليِّ زمنًا طويلًا، فَعَكَفَ على دراستهِ وتذوقهِ، واستطاع أن يكتب شيئًا من نتائج دراسته الطويلة، ولأهمية هذه النتائج التي وصل إليها أحببت ألا يخلو هذا البحث في الشاهد الشعري في تفسير القرآن من التوقف عند هذه العلاقة الوثيقة بين دراسة سر إعجاز القرآن الكريم وفهم الشعر الجاهلي وتذوقه، لأنَّ الشعر في كتب التفسير يمثل جزءًا مهمًا من أجزاء تفسير القرآن الكريم باللغة بِحَسب ما توصلت إليه هذه الدراسة.

وقد ذكر محمود شاكر العلاقة بين الشعر الجاهلي وإعجاز القرآن فقال: «أما الأمر المرتبط بالشعر الجاهلي، أو بقضايا الشعر جميعًا، والمتصل بأساليب الجاهلية وغير الجاهلية، وأساليب العربية وغير العربية، ومقارنتها بأسلوب القرآن، فهو عِلمُ إعجازِ القرآنِ، ثُمَّ علمُ البلاغة». (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015