وأَمَّا الإزراءُ بفصيح كلام العربِ، والتهوينُ من شأنهِ فإِنَّهُ يَذهَبُ بقوة تقدمِ القرآن، حيث إِنَّه سيقال: إِنَّ القرآنَ تَحدَّى قومًا أهلَ عِيٍّ وفهاهةٍ، لا أهلَ بيانٍ وفصاحةٍ، حيث إِنَّ هذه الأشعار مقدمةٌ عندهم، وفيها ما ذكرتَ من العيبِ والتناقض.

وخيرُ من تكلَّمَ عن هذه المسألة من العلماءِ - فيما أعلم - من المتقدمين عبد القاهر الجرجاني، ومن المتأخرين الشيخ عبد الحميد الفراهي رحمه الله (ت 1349 هـ)، والأستاذ محمود محمد شاكر (?) رحمه الله (ت 1419 هـ).

فأما عبد القاهر الجرجاني فقد أكثر من تحليل الشعر والشواهد الشعرية في كتابه دلائل الإعجاز، وزادت شواهده عن أربعمائة شاهد شعري، غير أنه احتفل بشعر المتأخرين والمولدين (?)، وهو في هذا يسير على أَنَّ الشاهد البلاغي يصلح له شعر المتقدمين والمتأخرين على حد سواء، وأن المعاني يتناهبها الجميع كما قال ابن جني بعد استشهاده ببيت للمتنبي: «ولا تستنكر ذكر هذا الرجل - وإن كان مُولَّدًا - في أثناء ما نحن عليه من هذا الموضع وغموضه، ولطف متسربه؛ فإن المعاني يتناهبها المولدون كما يتناهبها المتقدمون، وقد كان أبو العباس (?) - وهو الكثير التعقب لجِلَّةِ الناس - احتجَّ بشيءٍ من شعر حبيب بن أوسٍ الطائي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015