القرآن الكريم وألفاظه، فيُقتصَرُ على دراسة شعر الشعراء الذين لم يدركوا بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد كان عبد القاهر الجُرجاني (ت 471 هـ) من أوائل مَنْ أشار إلى العلاقة الوثيقة بين دراسة إعجاز القرآن ومعرفة كنهه، وبين دراسة الشعر الجاهلي والتفقه فيه وفي معانيه، وشنع على من يعارض ذلك، وينكره، فقال في معرض تأكيده على أهمية ذلك: «وذاك أَنَّا إذا كنَّا نعلم أن الجهة التي منها قامت الحجة بالقرآن وظهرت، وبانت وبَهَرت، هي أَنْ كان على حَدٍّ من الفصاحةِ تقصر عنه قوى البشر، ومنتهيًا إلى غايةٍ لا يُطمحُ إليها بالفِكَرِ، وكان مُحالًا أن يَعرِفَ كونَه كذلك، إِلَّا مَن عرفَ الشِّعرَ الذي هو ديوانُ العرب، وعنوان الأدب، والذي لا يشك أنه كان ميدان القوم إذا تجاروا في الفصاحة والبيان، وتنازعوا فيهما قَصَبَ الرِّهانِ، ثُمَّ بَحثَ عن العلل التي بِها كان التباينُ في الفضلِ، وزاد بعضُ الشعر على بعضٍ كان الصادُّ عن ذلكَ صادًّا عن أن تُعرفَ حُجةُ الله تعالى، وكان مَثَلُهُ مَثَلَ مَنْ يتصدَّى للنَّاسِ فيمنعهم عن أن يَحفظوا كتابَ الله تعالى، ويقوموا بهِ، ويتلوه ويُقْرئِوه، ويصنعَ في الجملة صنيعًا يؤدِّي إلى أن يَقِلَّ حُفاظهُ والقائمون به، والمقرئون له ... ». (?)

وقد حاول بعضهم أن يوازن بين القرآن وشعر الجاهلية، ويُفَضِّلَ شعرَ بعض شعراء الجاهلية على القرآن، فما كان من أبي بكر الباقلاني (ت 403 هـ) (?) إلا أن تصدَّى للرد على أمثال هؤلاء، وعَقَدَ موازنةً بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015