ولكن أرضية هذا الأفيون بعضها لطيفةٌ جداً، حارَّةٌ، شديدةُ المرارة وهى التى بها تحدث الدُّهنية وبها يكون هذا الدواء مُراًّ. وبعضها - وهو أكثرها - شديدة (?) البرد جداً، جامدة بقوة البرد. وقد علمْتَ أن جميع الأجسام اليابسة فإن البرد الشديد يُحدث فيها سواداً (?) ؛ فلذلك هذه الأرضية لونها أسود بسبب قوة البرد. وأما الأرضية الأخرى المرة المحترقة؛ فإنها أرضية تخالطها مائية يسيرة لأنها هى الأرضية التى بها هذا الدواء يكون دهنياً؛ فلذلك يكون حال هذه الأرضية عند فعل الحرارة فيها، كحال الحطب الرطب؛ فلذلك تكون الحرارة المحرقة لها مُسَوِّدة لها، كما يحدث الفحمُ عن الحطب الرطب، إذا فعلت فيه النار فعلاً ليس بالشديد جداً، وكذلك الحرارة المحرقة لهذه الأرضية. ومن سواد هاتين الأرضيتين، يكون هذا الدواء أسود اللون؛ ولأجل ما فيه من الهوائية يكون هذا السواد ليس بمفرط؛ وذلك لأن الهوائية إذا دخلت الأجسام بيَّضتها؛ فلذلك فإن الصبر مع سواده إذا سحق ابيَضَّ، وذلك لأجل مخالطة الهوائية له. وبهذه الهوائية يكون جوهر الأفيونِ خفيفاً، مع أن الأرضية فيه كثيرة.
وإذا جُعل هذا الأفيونُ على النار، وذلك بأن يُقلى على صحيفة ونحوها قلَّ سواده، وصار لونه أحمر. وما ذاك إلا لأن سواد الأرضية الجامدة، يبطل (?) حينئذ ويبقى السواد، إذ إنما هو للأرضية الأخرى، وهى المرة.
وقد علمت أن البرد من شأنه إخماد الروائح، وضعف الآثار، وأن الحرارة من شأنها خلاف ذلك؛ فلذلك الأرضيةُ الحارّةُ التى فى هذا الدواء، تظهر