تمطروا, ولكن السنة أن تمطروا ثم تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً".

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم (?): عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بالإسناد قال: ليس السنة (?) أن لا تمطروا, ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً.

"السنة": الجدب وقد تقدم بيان ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافًا للعرب فيما كانوا يذهبون إليه من نسبة النبات والخصب إلى المطر، ليست السنة بانقطاع، فإن المطر قد يجيء مترادفًا مرة بعد مرة ولا تنبت الأرض شيئًا، فعدم النبات هو الجدب لا تأخر المطر وانقطاعه، وإن كان في مجرى العادة أن النبات بالمطر وأن المطر دليل على إنبات الأرض.

والمراد بهذا الحديث: نسبة الأشياء إلى خالقها وموجدها المنعم بها، فهو المعطي والمانع والخالق والرازق، فالكل منه وإليه، فليس للمطر عمل في الإنبات، إنما الإنبات بأمر الله، تمطر ولا تنبت، وتنبت ولا تمطر، ومن هاهنا ضل خلق كثير من الناس حيث نسبوا الأشياء إلى الأسباب والوسائط، وقطعوا النظر عن المسبب الأول القادر المزيد المختار، وحتى تمادى لطريق منهم الضلال والعمى، فقالوا: إن النار تحرق بطبعها، والماء يروي بطبعه، والخبز يشبع بطبعه.

والذي ذهب إليه أهل الحق والإيمان: أن هذه كلها وسائط وأسباب أجرى الله العادة عند مباشرتها أن تحدث هذه الأحوال، والله سبحانه بلطفه وقدرته يخلق الشبع عند أكل الخبز، والري عند شرب الماء، والإحراق عند ملاقاة النار، فلو لم يرد الله وجود هذه الأشياء لوقع الإضمان ولم توجد الآثار -تبارك الله عما يقول الظالمون- وأشبه شيء بهذا المعنى ما يحكى عن بني إسرائيل أنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015