ومعنى طلوع المنازل وغروبها: طلوعها مع الفجر وغروبها مع طلوعه، لا طلوعها من الأفق وغروبها فيه، فإن ذلك موجود لها في كل يوم وليلة، ولكن المراد به: أن الشمس إذا قربت من كوكب من الكواكب الثابتة والسيارة؛ سترته وأخفته عن أعين الناظرين فصار يطع نهارًا ويغيب ليلاً, لأنه يغيب مع الشمس فلا يبين فكان ذلك غيبة له، ولا يزال كذلك إلى أن ترجع الشمس يبعد عنه بعدًا يكمن إذا طلع فيه أن يدرك بالأبصار ويرى، وذلك عند أول طلوع الفجر فإن ضوء الفجر حينئذ يكون ضعيفًا فلا يغلب ضوء الكوكب، فيُرى في الأفق الشرقي طالعًا وذلك عبارة عن ظهوره وطلوعه، ويغيب في ذلك الوقت رقيبته وهو عبارة عن غروبه واختفائه، وإنما غلظ النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر الأنواء وأعظمه؛ لأن العرب كانت تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقبتها، يكون مطر أو ريح أو برد وغير ذلك من أشباه هذا، فكان بعضهم يضيف ذلك إلى الساقط منها، وبعضهم يضيفه إلى الطالع منها، فيقولون: مطرنا بنوء كذا، فأنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك حتى نسب قائله إلى الكذب، حيث أضاف نعمة الله ورحمته إلى الكوكب.

وقوله: "كافر بالكوكب" يريد النوء الذي الكوكب الخاص بهذه المنزلة، وإذا رجعنا إلى حقيقة علم الهيئة كانت هذه الكواكب التي تعرف بها المنازل قد تحركت عن أماكنها فإن لها مسيرًا خاصًّا، والموضع الذي كانت فيه عند التسمية هو المنزلة في الحقيقة لا الكوكب، وإن كان الكوكب هو الذي يعرف، ولولا خوف الإطالة والخروج عن موضوع هذا الكتاب، لذكرنا عدد كواكب المنازل وبينا كل منزلة منها كم فيها كوكب، وييَّنا أسماء تلك الكواكب إقرارها وحركاتها أو عروضها، واختلاف الناس في أقدارها، ومن أي البروج هي شمالها وجنوبها، وإن كان في ذكرها وشرحها من الفوائد الشرعية ما لا خفاء به من معرفة الأوقات الليلية في الصلاة والصيام والقيام والأوراد وغير ذلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015