الفرع السادس في أي الأمرين أفضل

أخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن ابن حرملة، عن ابن المسيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وأفطروا" أو قال: "ولم يصوموا" (?).

"الخيار": جمع خيّر -مشددا- مثل: جيد وجياد ويجمع على الأخيار مثل: ميت وأموات؛ ويجوز أن يكون جمع خير -مخففا- والأول الوجه، والخيار ضد الأشرار.

وهذا الحديث يدل على أن القصر أفضل وللشافعي فيه قولان: أحدهما: أن القصر أفضل ونص عليه في أكثر كتبه وبه قال مالك وأحمد وهو الأولى لموافقة من قال: إن القصر عزيمة.

والقول الثاني: الإتمام أفضل واختاره المزني، لأنه الأصل والقصر رخصة.

قال الشافعي: وأحب إليّ للمسافر أن يقصر ولو أتم ما كانت عليه إعادة لما وصفت من الدلالة؛ وكل ما كان رخصة أحببت قوله للاستنان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه، وليس ترك الرخصة بإفساد للصلاة؛ ألا ترى أن عثمان بن عفان صلى شطر إمارته بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى فأتم الصلاة وصلوا معه، هل يجوز أن يقال هذه الصلاة غير مجزئة ولا يجزئ هذا لعالم.

وفي هذا الحديث دليل على أن القصر رخصة؛ لأنه قال: "خياركم الذين إذا سافروا قصروا أو أفطروا" ولا خلاف أن الإفطار في السفر رخصة وليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015