بعض ما يدخل في معنى الجملة، فيعلم أنه لم هد بالجملة قطعًا أجل، وقد بينت بعض هذا في كتابي هذا، ثم قال:
ومن هذا الوجه من السنة، أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - من أن تصلي للصَّلواتِ كلها لمواقيت معلومة، وذكر أحاديث منها، حديث أبي هريرة: "نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس" وحديث ابن عمر: "لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها". قال الشافعي: بظاهر هذه الأحاديث عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لا تحل في شيء من هذه الساعات، لا صلاة فائتة ولا صلاة لطواف، ولا صلاة على جنازة، ولا سجدة، ولا غيرها من الصلوات.
فإن قال قائل: فلم تقل هذه الأحاديث على عمومها وظواهرها؟
قلنا: بالدلالة البينة عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وذكر حديث أبي هريرة: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح" وحديث ابن المسيب "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها" وحديث جبير بن مطعم "لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت أو صلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار" وسيجيء الحديث.
قال الشافعي: فدلت هذه الأحاديث عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - -واللَّه أعلم- أن رسول الله إنما أراد -بالنهي عن الصلاة في الساعات التي نهي عنها فيها- النافلة، فأما صلاة لزمت بوجه من الوجوه فلا, ولو كان على جملته ما كان لمن فاتته صلاة أن يصليها بعد الصبح، ولكان من كان في بقية من صلاته مع مغيب الشمس، أو طلوعها غير جائز الصلاة، ولما صلى أحد للطواف في شيء من هذه الأوقات، ولا على جنازة، ولم أر الناس اختلفوا في الصلاة على الجنازة بعد الصبح والعصر، ولو جاز لنا أن نزيل هذه الأحاديث بالأحاديث التي جاءت في النهي جاز لغيرنا أن يزيل هذا النهي بهذه الأحاديث. قال: وقد خالفنا بعض الناس في هذا، فقال -مع ظانة السنة فيه- قولًا متناقضًا، فزعم أن من صلى