وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن دوسًا قد عصت وأبت فادع الله عليها، فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ورفع يديه فقال الناس: هلكت دوس، فقال: "اللهم اهد دوسا وائت بهم".
هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم.
وأما البخاري (?): فأخرجه عن علي، عن سفيان. وعن أبي نعيم، عن الثوري.
وأما مسلم (?): فأخرجه عن يحيى بن يحيى، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد.
قوله: "عصت وأبت" أي: امتنعت من الأحكام والدخول في الطاعة.
وقوله: "هلكت دوس" بلفظ الماضي وإنما يراد به المستقبل، وذلك أن الناس لما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قد استقبل القبلة ورفع يديه عقيب قول الطفيل ما قال، ظنوا أنه يدعو عليهم فقالوا: هلكت دوس، أي: تهلك بدعائه عليهم، لكن لما كان اعتقاد المسلمين في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه متى دعى على أحد أو لأحد استجيب له صار الهلاك المتوقع بدعائه، كأنه قد وقع وكان، فلذلك جاؤا به بلفظ الماضي، ثم لما قال له الطفيل: قد عصت وأبت، قال في الدعاء: "اللهم اهد دوسا وأت بهم"، فدعى لهم بما يخالف العصيان وهو: الهداية والإتيان إليه، والدخول في طاعته.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا الدراوردي عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة،