والفذ: الواحد المنفرد من كل شيء.

وقوله: "فإن الشيطان مع الفذ" أي: من شأنه أن يصاحب الواحد.

وقوله: "وهو من الاثنين أبعد" لأن الشيطان إذا خلا بالإنسان يمكن من وسوسته وإيقاعه في الفتنة، لأنه لا شاغل له من قبول أباطيله، ولا رادع له عن اتباع أضاليله، فإذا كان معه غيره كان أبعد له عنه ولا يتمكن منه منفردًا.

وقوله: "فليلزم الجماعة" يريد: جماعة المسلمين وأهل التقى والصلاح والتشبه بهم، والاقتداء بأفعالهم. ويحصل ذلك بملازمته إياهم.

ثم علل ذلك بقوله: "فإن الشيطان مع الفذ" ثم لما قرر أن الشيطان مع الاثنين أبعد كان ذلك إعلامًا منه تجنب الشيطان الاثنين مطلقا فأتبعه بقوله: "ولا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما".

والشافعي أخرج هذا الحديث وقال في أثناء كلامه: فلم يكن للزوم الجماعة معنى إلا ما عليه جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما، فمن قال بما تقول جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم، وإنما تكون الغفلة في الفرقة.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبًا وأرق أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة [يمانية] (?).

هذا حديث صحيح متفق عليه، ألا أن الشافعي أخرجه من هذا الطريق موقوفًا على أبي هريرة، وقد أخرجه البخاري ومسلم والترمذي مرفوعًا.

فأما البخاري (?): فأخرجه عن محمد بن [بشار] (?)، عن ابن المثنى، عن ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015